مرة أخرى.. هل انتصرت حماس؟
قبل أكثر من أربعة أشهر كتبت هنا في هذا المكان، مقالا بذات العنوان هل انتصرت حماس؟ في الحرب التي اشتعلت في غزة في أعقاب الهجوم الذي نفذه مقاوموها على ما يعرف بغلاف غزة في السابع من أكتوبر الماضي، وأسفر عن مصرع مئات الإسرائيليين وأسر العشرات عاد بهم مقاومو حماس وشركاءهم من في التنفيذ إلى غزة.
وقلت بالحرف الواحد إن إجابة هذا السؤال تختلف من فئة لفئة ومن مكان لمكان، في المنطقة العربية أو غيرها، أكثر من هذا فإن هذه الاجابة ربما ليست واحدة وسط أهالي غزة الذي يقترب عددهم من مليونين من البشر ويزيد!
أضف إلى ذلك أن هناك فئات وكيانات وأناس أصحاب رؤي ووجهات نظر، تعتقد أن مجرد توجيه هذا السؤال أمر لا يجب أبدا، ويعتبرونه أمرا مكروها!
على أي حال.. هنا نعيد طرح السؤال من جديد، ونقول هل انتصرت حماس في المواجهة الأخيرة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي؟
هناك من يري وهم كثر من أبناء عروبتنا أن المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس انتصرت جدا في مواجهتها الاخيرة لدولة الكيان الغاصب، منذ الاختراق الذي أنجزته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي.
بحسب اولئك، فإن أكبر إنجاز حققته المقاومة وعلى رأسها حماس هو إظهار حالة القصور والتقصير وربما الاهتزاز التي تعانيها الأجهزة الاستخباراتية والأمنية في دولة الكيان الغاصب، ما نتج عنه إحداث حالة من الانقسام بين المجتمع الإسرائيلي وحكومته، من جهة..
ومن جهة اخري إحداث حالة من الرعب والخوف بين فئات مختلفة من المستوطنين الوافدين، من كل بقاع الأرض، والذين كانت تسوق لهم دولة الكيان الغاصب على أنها واحة الأمن والأمان في منطقة الشرق الأوسط، وأنها الدولة الأكثر تقدما في العالم في مختلف النواحي!
أيضًا وبحسب المؤيدين لفكرة الانتصار غير المسبوق للمقاومة الفلسطينية، فإن المواجهات على الأرض في قطاع غزة، بعد بدء الحرب البرية، فضحت الأسطورة التي تروج لها دولة الكيان الغاصب حول قوة جيشها وحول جنودها ومدي ما يتمتعون به من قدرات قتالية!
واستشهد أولئك بالأعداد الكبيرة من القتلى والمصابين من ضباط وجنود جيش الكيان الغاصب الذين قضوا في المواجهات المباشرة على الأرض في قطاع غزة، ناهيك عن مئات المركبات والأليات التي دمرتها أو اعطبتها المقاومة.
المساندون لفكرة الانتصار الذي حققته المقاومة مؤخرا، أكدوا أن المقامون الفلسطينيون لا زالوا على قوتهم قبيل بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، وأن قوات الاحتلال لم تتمكن من مس القدرات المختلفة لقوي المقاومة وخاصة حماس والجهاد الإسلامي.
الجدير بالذكر أن التغطية التليفزيونية التي اعتمدتها قناة الجزيزة للحرب الأخيرة على غزة ومنذ أحداث السابع من أكتوبر، أسهمت بقدر كبير في خلق تيار واسع بين قطاعات الرأي العام العربي مؤيد لفكرة انتصار المقاومة وفى مقدمتها حركة حماس في الحرب الأخيرة على غزة..
فقد تعمدت التغطية تقديم التطورات على الأرض من خلال المتابعات الصحفية والتحليلات من زاوية تؤيد لفكرة إنتصار المقاومة وتشتت واهتزاز أداء الجيش الإسرائيلي، والحقيقة فإن إختيار هذا الخط في التغطية يروق لكثيرين، فالغالبية العظمة من المتابعين يتشوق لأخبار تبشر بهزيمة دولة الكيان الغاصب وانهيارها.
على الجانب الأخر.. هناك من يري أن قوى المقاومة الفلسطينية لم تحقق انتصارا في هذه الجولة من الصراع مع دولة الكيان الغاصب حتي رغم الاختراق غير المسبوق الذى قام به المقاومون للداخل الإسرائيلي يوم السابع من أكتوبر..
وبحسب أولئك الرافضين لفكرة انتصار المقاومة، أن المقاومة تجاوزت عند اختراقها نطاق غلاف غزة، باستهداف المدنيين سواء بالقتل أو بالاحتجاز والعودة بهم الى قطاع غزة، ما أسهم في تصعيد ردة الفعل الإسرائيلي الى أن وصل الى مرحلة الجنون وتصاعد الرغبة في الانتقام من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بشكل غير مسبوق..
الأمر الذى نتج عنه بعد مرور أكثر من أربعة اشهر سقوط أكثر من 100 الف شهيد وجريح وتدمير أكثر من ثمانين بالمائة من بنايات قطاع غزة وتشتيت أكثر من ثلثي سكان القطاع الذين يزيد عددهم على المليونين نسمة.
بحسب أولئك أيضا، فإن المقاومة لم تعر أي اهتمام حقيقي لحماية أهالي غزة من قوات جيش الاحتلال الغاصب، وبدلا من أن تكون المقاومة حصن للدفاع عن أهالي غزة، تمترس المقاومون إما داخل الإنفاق أو بين الناس في مختلف المناطق بقطاع غزة، للتخفي بعيدا عن قوات الاحتلال..
التي لم تتراجع قيد أنملة عن ارتكاب كل أنواع الجرائم الوحشية في سعيها وراء افراد حركة حماس المختفون وسط الناس أو في الأنفاق، ووصل بها الإجرام الى تدمير احياء بكاملها عند استشعارها أو تلقيها معلومة باختباء أو تمترس مقاومون في تلك الأحياء.
بالطبع هناك أمارات أخري كثيرة يحسبها كلا جانبي تقييم أداء المقاومة، لا يتسع المكان لحصرها كاملة وتبقي الإجابة مفتوحة للسؤال المهم.. هل إنتصرت حماس في الحرب الأخيرة على غزة؟!
الى هنا ينتهي الاقتباس وبعد تسعة أشهر من بداية الحرب.. أكرر نفس السؤال!