رئيس التحرير
عصام كامل

اليوم التالي!

واليوم التالي يا قرائي الأعزاء هو المصطلح الذي نحته عدد من المسئولين الإسرائيليين والأمريكيين، ويرمزون به إلى كيف ستكون عليه الأمور في قطاع غزة بعدما تتوقف ألة القتل الإسرائيلية عن حصد أرواح الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ وأبناء قطاع غزة؟


الحادث بالفعل أنه ورغم أن مصطلح اليوم التالي، تعد عبارة قليلة في كلماتها وفي معناها إلا أن التأمل ولو قليلا فيما وراء هذا المصطلح أو التأمل فيما بين سطور الكلمتين المكونتين له!


اليوم التالي.. كمصطلح وسؤال تسبب في أزمة شديدة بين شريكا جرائم قتل أهالي غزة وتدمير القطاع، وهما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزير دفاعه يو آف جالنت، فالأخير يكرر ويعيد السؤال على الأول.. كيف ستكون عليه الأحوال في غزة في اليوم التالي لوقف القتال، غالانت واستباقا للاستماع إلى الرد أراد قطع الطريق على نتنياهو وأعلن أن التواجد العسكري الدائم في قطاع غزة، أو بالأحرى إعادة احتلال القطاع، سوف يتكلف 6 مليارات دولار سنويا، إضافة إلى آلاف الجنود الإضافيين.. 

 

 وطرح جالنت تصوره لغزة ما بعد الحرب بألا تتواجد إسرائيل عسكريا في القطاع وأن تتولى إدارة مدنية فلسطينية ليس من بين مكوناتها حركة حماس وبإشراف لجنة مكونة من عدة دول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية.. نتنياهو الشريك المتضامن مع جالنت في جرائم الحرب التي شهدتها غزة لم يرد على أسئلة واستفسارات وزير دفاعه!


الحقيقة.. أن المتابع لهذه الحلقة من مسلسل الصراع الدموي بين إسرائيل وحماس على أرض قطاع غزة، يدرك أن نتنياهو ليس لديه إجابة على سؤال كيف ستكون عليه الأوضاع في اليوم التالي في قطاع غزة، وليس لديه إجابة كذلك على سؤال ماذا يجري اليوم الحالي في القطاع، سوى القتل والتدمير.. 

 

 فالكل يتابع أن نتنياهو وعقب أحداث السابع من أكتوبر خرج على الرأي العام معلنا بدء الحرب على غزة بهدفين رئيسين هما القضاء على حماس وتحرير الرهائن، والحقيقة وبعد ثمانية أشهر لم يحقق نتنياهو أي من هدفيه من وراء هذه الحرب..

 

فلا هو تمكن من القضاء على حماس، وهذا ليس معناه أن حماس حركة أقوى من أن يتم تدميرها، ولكن لإن حماس تنطلق من فكرة رفض الاحتلال الإسرائيلي وهي فكرة يعتنقها ويؤمن بها كل فلسطيني داخل وخارج الأراضي المحتلة، بل ويؤمن بها كل عربي، ومن هنا فمهما بلغت قوة جيش الاحتلال وصلفه وغرور قادته وجنوده وداعميهم فلن يستطيعوا محو فكرة رفض الاحتلال من قلوب الفلسطينيين، الذى يشكل المنتمين لحركة حماس منهم عددا لا يزيد بشكل لافت عن الفلسطينيين المنتمين لحركات وكيانات مقاومة أخرى ولا يزيد بالطبع عن الفلسطينيين غير المنتمين لأي تيار سياسي.


أما الهدف الثاني الذى فشل أيضا نتنياهو في تحقيقه وهو تحرير الرهائن، وقد رأينا أنه وعلى مدى ثمانية أشهر ويزيد الفشل المعلوماتي والاستخباراتي لدى الأجهزة الإسرائيلية المعنية، سواء قبل السابع من أكتوبر أو بعده!


أضف الى ذلك فإن نتنياهو يدرك أنه ومع بمجرد انتهاء العمليات العسكرية في غزة بساعات سيكون ماثلا أمام المحاكم الإسرائيلية، السياسية والجنائية على حد سواء! ومن هنا فإنه لن يسمح بأن يأتي اليوم التالي أبدا وسيواصل بكل خبرته السياسية وقدرته على المغامرة كي تستمر عملية القتل والتدمير في غزة.
 

على الجانب الآخر، ورغم ما قد ينالني من اتهامات بالتعرض للمقاومة والتقليل من إنجازها في السابع من أكتوبر، ألا إني أقول وبملء الفم إن قادة حماس باختلاف فروعها، في الداخل والخارج، يحرصون بذات القدر الذي يحرص عليه رئيس حكومة إسرائيل على عدم بلوغ اليوم التالي للحرب في قطاع غزة.


والمتابع يلاحظ أن حماس وقادتها، الذين يتلكؤون حتى كتابة هذه السطور في الرد على طرح الرئيس الأمريكي الذى يتضمن عدة بنود هي وقف لإطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى الموجودين في السجون الإسرائيلية والمختطفين لدى حماس وبعض الكيانات السياسية العسكرية الفلسطينية الأخرى على مراحل وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من أماكن التجمعات المدنية في غزة وعودة النازحين والبدء في خطة إعمار غزة، وعلى مراحل.


قادة حماس يتعمدون عدم الرد ويمررون للوسطاء شرطا أساسيا للقبول بالطرح الأمريكي وهو ضمان استمرار سيطرة حماس على قطاع غزة فيما بعد وقف إطلاق النار!


الحادث بالفعل أن قادة حماس باتوا على بينة من أن العالم والوسطاء الأوربيين والأمريكيين لا هم لهم في المقام الأول إلا تحرير الرهائن متعددي الجنسيات أومن أصحاب الجنسية الإسرائيلية المزدوجة.. 

وبات قادة الحركة يدركون كذلك أن انقلابهم على السلطة الفلسطينية واستيلائهم على إدارة قطاع غزة منذ العام 2006 سوف ينتهي بلا أدنى شك إذا ما انتهى العدوان على غزة، ومن هنا فإن لدى نتنياهو وحماس ذات الحرص على عدم بلوغ اليوم التالي للحرب الحالية.. أو هكذا أرى..

 

وأرى أيضا أن ما يقرب من أربعين ألف شهيد وما يقرب من تسعين ألف مصاب بخلاف آلاف المفقودين من بين اثنين مليون فلسطيني هم أهالي قطاع غزة هم المتضررون فقط من عدم بلوغ اليوم التالي للحرب.

الجريدة الرسمية