حسين زين.. حانوتي ماسبيرو
حسين زين لم يكن شيئا مذكورا قبل سنوات، وقد قال لي صديق قديم في مبنى ماسبيرو إنه كان مجرد مدير إنتاج، أي أن كل ملكاته تنحصر في إدارة برنامج إنتاجيا لا أكثر من ذلك، ولا يعرف أحد على وجه الدقة لماذا أصبح أكبر مسئول عن واحد من أعظم مؤسسات الدولة، في خلق كيان إعلامى وتصدير قوة ناعمة عبرت الحدود.
في سنوات ماضية أثارت العامية المصرية حفيظة بعض الحاقدين في دول مجاورة، فأنشأوا مؤسسات ضخمة بميزانيات أكثر ضخامة من أجل شيء واحد وهو منافسة الإنتاج الدرامي والإعلامي المصري، بسبب ما أسموه طغيان العامية المصرية على المشهد العربي.
ظهرت قنوات عابرة للحدود تعلى من شأن لهجات عربية أخرى، وقنوات تخصصت في إنتاج الأغاني ودبلجة المسلسلات التركي بلهجة غير المصرية، وظلت هذه المحاولات لسنوات عديدة غير أنها لم تؤت ثمارها، واستعرت الحرب وكان الإنتاج الدرامي والإعلامي المصري في الصدارة، وانتفع بهذه المنافسة ولم يخسر المعركة أو ما اعتبروه هم معركة.
ومرت السنوات واستولى لصوص آخرون على الإنتاج المصري بفضل تعاون فئة ضالة ومضلة من خونة مصريين.. نعم خونة خانوا الأمانة وباعوا ما يملكونه وما لا يملكونه، وبدا واضحا أن هناك تراجعا للإنتاج المصري أمام منتجات أخرى أقل جودة وعمقا، بسبب تغييب المنتج المصري في نهايات عصر مبارك.
ولعل ظهور حسين زين علي سطح المشهد واحد من أهم الضربات التي وجهت لمبنى ماسبيرو، فالرجل استطاع في سنوات قليلة أن يكفن المبنى، جدران ومعانى وقيمة، وذلك كله تحت شعار «تكريم الإعلام الرسمي المصري دفنه»، وللأمانة كان الرجل ولا يزال بارعا فيما ذهب إليه.
ومن المعروف أن إسناد الأمر لغير أهله هو أفضل طريقة للتراجع والهزيمة والتلاشي، وهو ما وصلنا إليه في مبني ماسبيرو، فقد أطلقنا على أنفسنا رصاصة النهاية بتعيين حسين زين رئيسا للهيئة الوطنية للإعلام، فأصبح المبني عبارة عن مقبرة موحشة لا يسكنها إلا الظلام.
إذا كنت من رواد المبني العتيق فإن حاله أصبح "يصعب على الكافر" فما بالك لو كنت مؤمنا، من الباب الرئيسي يصعب عليك الرؤية بسبب الظلام الدامس، ومجموعة من موظفي الأمن يشكون الفراغ لرب العالمين، بعد أن كانوا ملء السمع والبصر، وكانوا قصصا تحكى لكثرة العظماء المترددين عليهم في كل يوم.
إذا دخلت استوديو فإن حاله سيبكيك، لن تجد مجرد كرسي، وسترى المذيع الذي ينتمى إلى واحد من أقدم مؤسسات الإعلام في محيطه العربي والدولي، وهو يسند بحجر مقعده المتهالك، ونظرة خجل تتسرب من عينيه، لأنه لا يجد تفسيرا يقدمه لضيفه.
الكاميرات "بعافية شويتين"، والإضاءة مصابيح أكل عليها الدهر وشرب، أما بقية أدوات العمل فإن المخرجين بالمبني يتعاملون معها تعامل المستجدي، فمنهم من يبتهل إلى الله أن تعمل كاميراته حتى نهاية البرنامج، أما مهندسو الصوت فحدث ولا حرج.
قديما كان الحانوتي يحرص على إطلاق أسماء من عينة حانوتي الأمانة ،ليوحي للمتعاملين معه أنه سيكون أمينا عند الغسل وعند التكفين، أما حسين زين فليته كان حانوتي الأمانة.. حسين زين يدفن بلا غسل وبلا كفن وبلا تلاوات من آيات الذكر الحكيم!