رئيس التحرير
عصام كامل

شرعية جماعات مقاومة العدوان

لم يعد تسويق فكرة المؤامرة التي تحاك ضد دول عربية أمرا مستساغا أمام الجماهير العريضة، فالخطر الأكبر الذي يواجه تلك الدول يأتي من داخلها وليس من خارجها، بل هو نابع من طريقة الحكم ودور السلطة فيها، إضافة إلى بعد آخر نتصور أنه الأكثر خطرا.


الدولة الوطنية تعني ببساطة أنها دولة لمواطنيها تتساوى فيها الحقوق والواجبات، وهو أمر أصبح محل نقاش جماهيري نراه بوضوح على شبكات التواصل الاجتماعي في صور متعددة، لعل أبرزها في مصر هو استخدام السخرية من دور الدولة في مواجهة مشكلات المواطن، وطريقة تعاملها معه واستبعاده تماما في عملية اتخاذ القرار، بل واستخدام سياسة الأمر الواقع بالقوة إن لزم الأمر.


الأمر الأكثر خطورة في تصوري يمكن أن نراه بوضوح لو تابعنا تداعيات العدوان الوحشي على أهلنا بغزة، من المتعارف عليه أن القضية الفلسطينية قضية عربية استخدمتها النخبة الحاكمة منذ النكبة وحتى تاريخه لتمرير أسلوب حكم، بدأ بفكرة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وانتهى بفكرة المؤامرة التي تحاك بليل ضد المنطقة العربية، وهو ما فرض أسلوب حكم لا علاقة له بمفهوم الدولة الوطنية من الأساس، فالدولة لم تعد لمواطنيها.
 

انظر حولك سترى أن الدول التي تتحكم فيها جماعات ما قبل الدولة هي التي تقود النضال ضد العدوان الصهيوني على الأمة كلها وليس فقط على غزة، المقاومة الإسلامية في العراق تضرب بعنف المصالح الأمريكية في العراق وتخرج بضرباتها إلى عمق الكيان المحتل.
 

الحوثيون في اليمن أصبحوا مصدر قلق بالغ على أعتى قوى العالم المتمثلة في التحالف الدولي المزعوم الذي تقوده أمريكا، وقد وصل الأمر إلى إغراق سفن بل وضرب حاملة طائرات أمريكية وإصابتها في مقتل وتسيد البحر الأحمر وامتداد ضرباتهم إلى البحر المتوسط.
 

حزب الله في الجنوب اللبناني يقف بصمود أمام العدوان السداسي على غزة، ويوجه ضربات عنيفة إلى داخل الأرض المحتلة، مستخدما أحدث أنواع الأسلحة لإثارة القلق والمخاوف الأمريكية الغربية على مشروعهم الاستعمارى الجديد المتمثل في الكيان الصهيوني.


أما حماس فقد رفضت الانصياع للإملاءات العربية والخضوع العربى المريب وبيع القضية للمرة الألف بخيانات لم تعد خافية على أحد، وقامت بضربتها الموجعة في السابع من أكتوبر من العام الماضي، ولاتزال تقاوم قوى أمريكا وبريطانيا وفرنسا وعدد من الدول الغربية الأخرى دون هوادة.


أين هي الدول التي تتبارى وتتسابق على زعامة المنطقة؟ وأين دورها في الأحداث الجارية في عمق منطقتنا؟ إن صناع الحدث وتداعياته كلهم من جماعات ما قبل الدولة، أما الدول المستقلة اسميا لم يعد لها دور لا في الأحداث ولا التداعيات ولا حتى لديها القدرة على القيام ولو بأدوار ثانوية.


ما أسطره هو الواقع وليس رأيا، هو محاولة لطرح التساؤل الأخطر: ما هو مفهوم الزعامة بل ما هو مفهوم الدولة الوطنية في محيطنا العربي؟ وهل انتزعت قوى ما قبل الدولة شرعية وجودها من غياب الدولة الوطنية العربية وعدم قيامها بدورها في حماية الأمن القومي العربي الذي بات تحت سيطرة جماعات يصفها البعض بالمارقة ويحلو لآخرين تسميتها جماعات إرهابية؟


لقد تابعت استطلاعا على منصة التواصل الاجتماعي «إكس» طرحته مؤسسة مجهولة حيث وضعت صورتين إحداهما للسنوار والأخرى لإسماعيل هنية وتساءلت: هل لازلت تؤيدهما؟ وكانت الإجابات مدهشة حيث زادت الإجابة بنعم عن التسعين بالمائة.
 

 

لو طرحنا نفس التساؤل ووضعنا صورا لحكام شرعيين في منطقتنا هل ستكون الإجابة بنعم؟ أخشى أن تكون منطقتنا العربية كلها دون استثناء قد دخلت إلى عصر شرعية جماعات ما قبل الدولة.

الجريدة الرسمية