رئيس التحرير
عصام كامل

بين مدبولي ونظيف وعاطف صدقي!

حينما تولى الدكتور عاطف صدقي الوزارة قبل عقود، فهمنا أن ثمة إصلاحا اقتصاديا سوف يجري تنفيذه بخبرات ومهارات أكاديمية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والصبر حتى على نقد الصحافة الساخر اللاذع.. ونجحت التجربة دون أن نلجأ لصندوق النقد ودون أن يتضرر منها الفقير ودون أن تخسر الطبقة الوسطى مقومات وسطيتها ووجودها.. وهي الطبقة الحاضنة للابداع والإنتاج والقيم.


وحين جيء بالدكتور أحمد نظيف الذي عايشته عن قرب منذ كان وزيرا للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وحتى تولى رئاسة الوزراء، فهمنا أن المغزى هو تطوير البنية التكنولوجية لمصر وقد كان وحقق الرجل نجاحا ملموسا تجسد في نجاح مصر على طريق التكنولوجيا حتى أن خدمات التعهيد على سبيل المثال حققت للميزانية العامة عشرات المليارات من الدولارات، وهي المسيرة التى استكملها خلفه الراحل الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات الأسبق بنجاح منقطع النظير!


أما حين جاء الدكتور مصطفى مدبولى للوزارة مع كل الاحترام والتقدير لشخصه، فقد كان المؤشر هو الاتجاه لدنيا العقارات والطرق والكباري والبنية التحتية، وهي بلاشك مشروعات مهمة بحسبانها شرايين تنموية لا غنى عنها لأي عمران، شريطة ألا تكون غاية في ذاتها، ذلك أن إنفاق كل هذه المبالغ الطائلة عليها دون مشروعات إنتاجية موازية تضمن توليد الثروة وفرص العمل، وتضمن في الوقت ذاته سداد فوائد الدين وهي باهظة جدا تكاد تلتهم ما يربو على ثلثي الميزانية العامة للدولة.. ولا يلقى إلا ثلثها للإنفاق على خدمات أكثر من 100 مليون مواطن!


الدكتور مصطفي مدبولي إجتهد في متابعة مشروعات البنية التحتية والعقارات والمدن الجديدة، لكنه لم يترك أثرا ملموسا في الاقتصاد ولا حتى في السياسة، حتى إن بعض ما قاله في مؤتمره الصحفي الأخير الذي أعقب توجيهات الرئيس لإحتواء أزمة انقطاع الكهرباء وتخفيف الاحمال جانبه التوفيق وخلا من الحس السياسي..

و لم يكن في أحسن حالاته بل لم يقدم طمأنينة كافية للشارع بخصوص المستقبل، دعك من أنه أكد التزام الحكومة بعدم قطع التيار في بداية الأسبوع الثالث من يوليو المقبل، وهو ما يعني انتهاء أو قرب إنتهاء امتحانات الثانوية العامة التي يئن طلابها وأهاليهم تحت وطأة الضغط النفسي للامتحانات وشدة الحر التي تشحن الصدور بالغضب!
 

ولعل ما أثار القلق هو حديث الدكتور مصطفي مدبولي عن سبب تفاقم أزمة الكهرباء الذي أرجعه إلى تعطل إنتاج الغاز في دولة جوار دون أن يسميها.. وأيا كان إسمها الذي لا يخفى فهل يصح أن نرهن الحصول على أهم مصادر الطاقة في يد بلد جوار في ظل توترات جيوسياسية غير مسبوقة، وأين حقول الغاز المصرية ولماذا تراجع إنتاجها؟!


لم يعط الدكتور مصطفي مدبولي في زياراته وجولاته الميدانية أولوية للناس بل ذهب أغلبها إلى العاصمة الإدارية وأخواتها ولم نضبطه في مستشفى للغلابة أو قراهم وتجمعاتهم حتى المستشفيات الحكومية فهي في طريقها للقطاع الخاص إدارة واستثمارا.. 

فماذا يتذكر المواطن لدكتور مدبولي سوى تعويم الجنيه وموجات التضخم وتحريك الأسعار وتخفيف الدعم وإعلانات الشقق الفارهة التي تطارد المشاهدين وسوادهم الأعظم من الفقراء عبر الشاشات وهو ما يكرس مشاعر الإحباط والاحتقان.

صدقوني نحن في حاجة لحكومة إنقاذ اقتصادي بسياسات مختلفة عكس التي أوصلتنا لما نحن فيه وليس مجرد تغيير في الوجوه.. حتى انصرف الناس ولم يعودوا يهتمون بأنباء التغيير الوزاري الذي طال أكثر من اللازم.. 

 

 

الناس لا تعترف إلا بما يصل إليهم في حياتها اليومية ليسد جوع الفقراء ويطمئن متوسطى الحال على مستقبلهم ومستقبل أولادهم.. فهل يمكن أن يتحقق ذلك مع استمرار الدكتور مدبولي في الوزارة.. إذا أردتم جوابا واقعيا فعليكم باستطلاع رأي حقيقى للناس!
حكومة مدبولي فقدت صلاحياتها.. طالما هو علي رأسها.. فهل يمكن أن يصلح ما فشل فيه؟!

الجريدة الرسمية