نقص الأدوية والحكومة الجديدة!
نقص الأدوية بصورة غير مسبوقة بات صداعًا يؤرق المرضى، فرغم ارتفاع أسعارها فإنها غير متاحة، وهو ما يدخل المريض في دائرة جهنمية بعد رحلة مضنية عند الأطباء وتكبد مشقة فيزيتا الطبيب التي ارتفع سعرها بصورة مبالغ فيها، وقائمة طويلة من التحاليل والأشعة وتكلفة تفوق طاقة كثير من الناس يذهب المريض بروشتة الطبيب إلى الصيدلية فتأتيه الإجابة صادمة بأن هذا الدواء ناقص، وهو ما يهدد صحة المواطنين.. فهل صحة الناس شيئًا يحتمل التأجيل؟!
وما ذنب المرضى في زيادة تكاليف إنتاج الدواء نتيجة ارتفاع سعر الصرف واعتماد قطاع الدواء على استيراد 90% من مدخلات الصناعة بالعملة الصعبة مع زيادة سعر الصرف.. وأين دور الحكومة في دعم هذا القطاع الحيوي؟ ولماذا لا نجد للبرلمان أثرًا في حل هذه المشكلة؟ وأين هيئة الدواء وأين شعبة الأدوية؟ وماذا فعلت الحكومة مع نداءات متكررة من شركات الأدوية التي تواجه تحديات كثيرة في مسألة التسعير، ولماذا لا توفر الدولار بصورة عاجلة ومستدامة لحل المشكلة من جذورها؟!
رئيس شعبة الدواء بالاتحاد العام للغرف التجارية الدكتور علي عوف، حذر قبل أسابيع من وجود تحديات من شأنها إحداث نقص في الدواء يصل إلى 1000 نوع تقريبا تتعلق بمضادات حيوية وأدوية السكر وأدوية الضغط، مشيرا إلى أن السوق المصرية بها 14 ألف نوع من الأدوية، بينها 4 آلاف نوع هي الأكثر شيوعا، يتصدرها الألف نوع تواجه نقصًا حادًا في الأسواق.. وهي أدوية يحتاجها المصريون بشدة نظرًا لطبيعة الأمراض السارية بينهم.
نقص الأدوية يفتح الباب لتسلل أدوية مهربة ومغشوشة بكثافة إلى السوق المصرية، مما يهدد صحة وسلامة المواطنين، ومن ثم تهديد الأمن القومي للبلاد.
والسؤال: لماذا لم تحسم هيئة الدواء ملف الأدوية الناقصة رغم تلقيها -بحسب الدكتورعوف- تصورات ومطالبات من شركات الأدوية خلال الشهور الأخيرة، وتكتفي بالرد بالدراسة في كل مرة، دون إصدار قرارات تؤدي لحلحلة المشكلة التي تتفاقم خصوصًا مع اختفاء أدوية الضغط والسكر خلال الشهور الأخيرة!
لدينا أكثر من 16 كلية صيدلة بمصر.. ولدينا علماء مشهود لهم بالكفاءة والتميز في هذا المجال.. فماذا ينقصنا للدخول بقوة في تصنيع الدواء، وإنتاج المادة الفعالة.. ألم تنجح الدولة في علاج فيروس سي، فلماذا لا تتبنى مبادرة مماثلة للقضاء على نواقص الدواء؟ لماذا لا تدعم قطاع الدواء لإنقاذه من شبح التوقف، وإذا كان لا مفر من إعادة النظر في تسعير الدواء تمهيدًا لإقرار سعر عادل يضمن استمرار الشركات في الإنتاج ويحمى المواطن من غول الغلاء، فلماذا لا تدعم الدولة الأدوية وخصوصًا الناقصة حتى لا يتأذى المواطن بهذا النقص؟!
نتمنى من الحكومة المزمع تشكيلها والتي طال انتظارها أن تتبنى سياسات عاجلة وناجعة تحمى المريض من غلاء الدواء ونقصه وتدعم شركات الأدوية لتستمر في الأسواق دون خسارة؟!
ويبقي أن نؤكد أن وزير الصحة الذي يفشل في حل مشاكل الدواء والعلاج وتحسين منظومة الخدمات الصحية.. لا يستحق ولا يجب أن يكون وزيرا في الحكومة القادمة.