رئيس التحرير
عصام كامل

العيد فرصة لاستعادة الحياة!

العيد فرحة.. يستحب فيه الابتهاج وإظهار السرور وبسط النفس وترويح البدن فتلك من شعائر الدِّين.. ولنا في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، ففي حياته عبادة ونُسُك، ومظهر من مظاهر الفرح بفضل الله ورحمته.


والعيد فرصة عظيمة لصفاء النفوس، وإدخال السرور على الأهل والأولاد والأصحاب، دون إسراف أو بذخ أو انفلات أو تحلل من الأخلاق والآداب.


العيد فرصة لصلة الأرحام وتذويب الخلافات واستعادة العلاقات الأسرية الحميمية التي افتقدناه في عصر السوشيال ميديا، التي فرّقت ومزقت الروابط والأواصر والتماسك الاجتماعي الذي كان أهم ما امتازت به مجتمعاتنا.. حتى باب مواقع التواصل الاجتماعي هي مواقع للتنابز والتمزق الاجتماعي، ذلك أنها طفحت بالغيبة والنميمة وسوء الأخلاق.


وبدلًا من أن تقرب المسافات وتقطع الحواجز صارت وسيلة تدمر العلاقات وتنتهك الخصوصيات، حتى صارت آفة نتمنى لو تخلصنا منها وعدنا إلى سابق عهدنا بمجتمع التراحم والفضائل، مجتمع القدوة الحقيقية التي تستقيها الأجيال من الآباء والأمهات والعلماء والصالحين من الأمة.. 

لكن الأحوال تبدلت وصار لاعبو الكرة والفنانون هم القدوة في زمن التريند، فلا حديث للشباب على السوشيال ميديا إلا عن قلم عمرو دياب للفتى الصعيدى، ولا حديث إلا زواج وطلاق الفنانين والفنانات.


فهل هذا يليق بحال أمة قال الله تعالى في شأنها "كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ" (آل عمران: 110).


جاءنا العيد ليهبنا فرصة لالتقاط الأنفاس، من مشاغل الدنيا وصراعاتها وخلافاتها وأزماتها، فرصة لاستعادة شيء من الهدوء في أجواء ساخنة بغلاء الأسعار وارتفاع الحرارة والاحتباس الحراري وانقطاع التيار.. 

وحرب مشتعلة على حدودنا وعدوان غاشم على أبرياء حرم أطفالهم ونساؤهم ورجالهم من أبسط مطالب الحياة، من الطعام والشراب والدواء والأهم نعمة الأمن.. والعالم كله يتفرج على نظام دولى فشل في توفير أبسط مقومات العدالة..حتى صار حالنا يردد مع الشاعر قوله:

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ     بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ

العيد فرصة لشكر النعمة، وليس أفضل من ترجمة هذا الشكر بصدقة تدخل بها السرور على قلب الفقراء والمعدمين الذين يعانون شظف الحياة في ظروف غاية في الصعوبة على الجميع.. فالمرء في ظل صدقته، والصدقة تطفئ غضب الرب، والصدقة حق معلوم للفقراء في أموال الأغنياء التي جعلهم الله مستخلفين فيها..

 

 

إدخال السرور على الأهل تعطى للعيد طعمًا ومذاقًا.. فخيركم، كما قال النبي الكريم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله.. العيد لا يكون عيدًا إلا إذا نجحت في استقطاع وقت للبهجة والسرور.. فتلك غاية الله من العيد!

الجريدة الرسمية