رئيس التحرير
عصام كامل

في يوم الصحفي..

نستعيد ذكرى النضال والانتصار مع المجلس 39 (2)

حين أقر البرلمان القانون 93 لسنة 95 لم يقف النقيب الراحل الكاتب الصحفي إبراهيم نافع الذي كان خارج مصر وقتها، وأعضاء المجلس مكتوفى الأيدي بل سرعان ما كلَّف الأخير الراحل جلال عيسى بتجهيز كلمة للردّ على ما تضمنه هذا القانون من قيود ضد الصحافة والصحفيين.. 

 

وبالفعل ألقى جلال عيسى كلمة النقابة في عيد الإعلاميين الذي كانت تقيمه وزارة الإعلام سنويًا أيام صفوت الشريف وكان يحضره الرئيس مبارك.. وكم كانت تلك الكلمة قوية معبرة عن نبض الجماعة الصحفية وأشواقها للحرية.. 

 

وطالب عيسى في كلمته الرئيس مبارك بعدم التصديق على هذا القانون فرد الأخير بقوله: "إحنا ما بنبعش ترمس يا جلال".. الأمر الذي فاقم الأزمة ورفع سخونة الأحداث بالنقابة التي قرر مجلسها أن تبقى الجمعية العمومية للصحفيين في حالة انعقاد دائم حتى إسقاط هذا القانون المشبوه وقامت الدنيا ولم تقعد، وتلقت النقابة دعما محليًا ودوليًا غير محدود.

 

دور إبراهيم نافع والمجلس 39

 وفوجئت في خضم المعركة باتصال تليفوني من الراحل إبراهيم نافع يطلب منى إبلاغ المجلس أنه سيقطع رحلته العلاجية بالخارج ليشارك بقوة في إدارة المعركة ضد القانون.. وكان موقفًا جريئًا يحسب لهذا الرجل الذي لم يمنعه موقعه كرئيس لمجلس إدارة وتحرير الأهرام كبرى الصحف القومية في مصر والذي عيّنته الحكومة في هذا المنصب لم يمنعه ذلك من الانحياز للمهنة ضد قانون الحكومة.. 

 

بل بادر بكتابة مقالة مهمة في الأهرام عن حرية الصحافة والصيد في الماء العكر، وزاد على ذلك أن فتح صفحات الأهرام واسعة أمام مقالات مضادة للقانون تسعى بقوة لكشف نوايا من يقفون وراءه لتكميم الأفواه وخنق حرية الصحافة وتقييد حرية الرأي والتعبير.


قيادة إبراهيم نافع للمجلس 39 ثم عودته من الخارج كان نقطة تحول حاسمة، فرجل الدولة هو أول الرافضين لسوءات القانون، وفي ذلك درسٌ لو تعلمون عظيم.. فما يبقى هو المهنة والانتصار لقيمها السامية والدفاع عن حرية الرأي التي هى روح الصحافة ووقودها ومن دونها لا يمكن الحديث عن أى صحافة أو إعلام أو حريات.


كما سمح الرجل لكبار الكتاب والصحفيين ومنهم الراحل سلامة أحمد سلامة وصلاح منتصر وفاروق جويدة وصلاح الدين حافظ وعبد الرحمن عقل وبنت الشاطئ وإحسان بكر وسكينة فؤاد ومحمد سيد أحمد وغيرهم وغيرهم بتصويب سهام مدفعيتهم الثقيلة صوب القانون، الذي سقط بفضل تكاتف الجماعة الصحفية وعلى رأسها نقيب قوى غامر بمستقبله طلبًا لإنقاذ مهنة كادت تذروها الرياح..


ولم يهدأ للنقابة بال حتى تكللت جهود النضال بالنجاح، وجرى إلغاء الحبس الاحتياطى أولا ثم إلغاء مواد الازدراء كمقدمة انتهت إلى إلغاء الحبس فى قضايا النشر بعد كفاح أسهمت فيه الجماعة الصحفية بأسرها.


يحدونا أملٌ عريضٌ أن تتصدى نقابة الصحفيين التي تستعد لعقد مؤتمر جامع لإنقاذ ما بقى من مقومات بقاء للمهنة أن تستلهم دروس النضال والصبر والرؤية من معركة إسقاط القانون 93 الذي جرى استبداله بالقانون 96 في لحظات فارقة وصعبة، أبحرت الجماعة الصحافة بشجاعة ورباطة جأش ضد عواصف عاتية بحثا عن مرفأ للأمان والنمو والتقدم ومزيد من الحرية والإبداع.


أخيرا ينبغي أن نشيد بموقف الرئيس الأسبق مبارك الذي إجتمع مع مجلس النقابة مرتين وتفهم وجهة نظرهم بل إقتنع بها، وأمر بتشكيل لجنة جديدة برئاسة  الراحل الدكتور مصطفي كمال حلمي رئيس مجلس الشورى لإعداد القانون الجديد الذي وافق عليه مجلس الشعب  نفسه الذي أصدر القانون 93..

 

ويجب أن نشيد بموقف صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق الذي أيد نقابة الصحفيين في مطالبها المشروعة.. تحية للمجلس رقم 39 وجمعيته العمومية في وقفتهم الرائعة حتى نالت حرية الرأي حريتها.

 


وأخيرًا لا ننسى أبدًا خطاب الكاتب الصحفي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل للجمعية العمومية وقتها وانتقاده الشديد لقانون قمع الحريات والتعبير.. ووصف السلطة وقتها بأنها  شاخت.. وتم نشر خطاب هيكل  بالكامل في جريدة الأهرام.. وهو ما يحسب أيضا لإبراهيم نافع ويضاف لتاريخه في الدفاع عن حرية الصحافة.

الجريدة الرسمية