رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس التحرير زمان!

زمان عندما كان يتم اختيار رئيس تحرير أو رئيس مجلس إدارة لأي صحيفة قومية أو حتى خاصة، كان أبسط شروط الاختيار أن يكون مشهورًا على الأقل في الوسط الصحفي إن لم يكن معروفًا للناس، ناهيك عما يمتاز به من كفاءة وجدارة وخبرة، وليس مجرد سيرة ذاتية تتوافق مع شروط أصحاب القرار. 

 

أما اليوم فكم قيادة صحفية تتوفر فيها تلك الشروط، أما أغلبيتهم فلا تكاد تُعرَف أسماؤهم، وهو الأمر الذي يحدث مع أكثر الوزراء وذوي المناصب الرفيعة.. وأتحدى لو أن مؤسسة بحثية معنية باستطلاع الرأي تجرى استطلاعًا لآراء الناس تسألهم عن أسماء الوزراء والقيادات الصحفية والإعلامية، وتنشر تلك النتائج على الرأي العام؛ وهى نتائج ستكون صادمة.. 

 

فربما لا يعرف المواطن واحدًا أو اثنين من هؤلاء؛ ما يعنى ضعف الأثر وغياب التأثير لمن يرجى منهم قيادة الرأي العام، والأعجب أنك ربما تجد حمو بيكا وصاصا أشهر من هؤلاء القيادات الصحفية.. والسؤال: ماذا يعنى ذلك اجتماعيًا؟! وهل هو دلالة خير أم شر؟! ولماذا لم يعد هناك صحفى بحجم هيكل أو الحمامصي أو كامل زهيرى أو محسن محمد أو مكرم محمد أحمد، أو أنيس منصور، أو صلاح منتصر وغيرهم؟!    

الصحافة ومشكلاتها


لا شك أن تحولات سلبية كبرى ضربت، ولا تزال مجتمعاتنا بعد أحداث يناير 2011، حتى بات خطابنا وفضاؤنا العام يطفح رداءة وبذاءة وانحطاطًا واستقطابًا وتشويشًا كرس له فضاء إلكتروني عشوائي منفلت يعج بالشطحات والفضائح، وفضاء تليفزيوني وإعلامي غابت عنه أدنى معايير المهنية، إعلام معتل كثرت آفاته وسقطاته.. 

من غياب للموضوعية وتراجع للمهنية وعدم تحري الدقة وصدقية المعلومات وشيوع السطحية والجمود والانزلاق لمهاوي البذاءة، وانقطاع التواصل بين الأجيال وتوقف تداول الخبرات وعشوائية التوظيف في الصحف القومية وتليفزيون الدولة بداعٍ ودون داعٍ!


ويبدو طبيعيًا في سياق كهذا.. كثرت فيه الأعداد وقلّت المواهب وتراجع التجديد حتى تلاشى فلا نجد كوادر واعدة على غرار الرواد والجهابذة الذين شقوا مجرى الصحافة والإعلام ليجري في النهر ماء الإبداع والروعة، وعلى أكتافهم نهضت صروح المجد والريادة والتفوق.. 

 

والسؤال الآن: كيف يمكن استرجاع أمجاد إعلام الدولة وصحافتها التي انخفضت أرقام توزيعها لأسباب كثيرة.. كيف تتحقق المعادلة الصعبة باستقلال الإرادة والإدارة ونمط الملكية وتحقيق الربحية المناسبة ومساندة الدولة دون إسراف أو تقصير.. متى تتخلص الصحف من الأزمات المالية وتراكمات الديون المتراكمة لتنطلق على طريق المنافسة القوية!

 


هل يدرك القائمون على إعلامنا وصحافتنا أننا نهدى أعداءنا فرصًا من ذهب كلما تأخرنا في نشر الأخبار والحقائق، وحتى لو جرى تكذيب الأخبار الكاذبة فلن يكون بنفس قوة الشائعة التي كسبت بسبق النشر مساحة في العقول، وهو ما يثير البلبلة بين المواطنين وتضر بالاقتصاد، تمامًا إذا جرى اختيار قيادات صحفية لا تتوفر فيها شروط الكفاءة والجدارة والإلمام بمقتضيات المنصب والوفاء بمتطلباته!

الجريدة الرسمية