أعظم أيام السنة
ساعات قليلة تفصلنا عن أجمل أيام السنة، ففي كل عام يأتي أسبوع الآلام لنحيي ذكرى صلب وقيامة مسيحنا الحبيب، لكن دائمًا ما أراه أنه أسبوع الحب الحقيقي والصادق في كل عام في كل تفصيلة موجودة فيه، وفي كل يوم يمر فيه.
فغدًا تكون جمعة ختام الصوم الكبير، والتي كنت محرومًا منذ سنوات أن أحضرها بحكم دراستي بالخارج، وكانت آخر مرة أشارك فيها كان برفقة أبي الحبيب وصديقي الذي عرفته من خلال روسيا الأب الراهب القس توماس آفا مينا، والذي كنت حضرت معه في عام 2017 أسبوع الآلام بداية من جمعة ختام الصوم وحتى قيامة المسيح من بين الأموات.
والتي تمتاز بتفاصيل كثيرة سواء في الصلوات أو القنديل العام وسر مسحة المرضى، فجمعة ختام الصوم يصلى بها صلاة القنديل كاملة بكل صلواتها ويمسح الشعب بزيت القنديل في لحظات تمتليء بالبهجة والفرح والاستعداد أيضًا لأعظم أيام السنة.
مازلت أتذكر عندما كنت صغيرًا وكنت أنتظر إسبوع الآلام كل عام بفرحة عارمة وكبيرة، أنتظر أن يأتي يوم الأحد وهو أحد الشعانين لألعب بالسعف وأصنع منه الصلبان والخواتم وكان والدي يصنع لي "جحش" مضفر من أوراق السعف، ونسهر سويًا ليلة السبت لنصنع الصليب الذي سأذهب به إلى الكنيسة في اليوم التالي.
ولا أنسى عندما كنت أعود من المدرسة يوميًا وأسرع في حل الواجبات المدرسية حتى يتثنى لي أن أذهب إلى البصخة المسائية، لأقول معهم لحن ثوك تا تي جوم "لك القوة والمجد"، وأنتظر حتى تتختم الصلاة بالطلبة المسائية عندما كان يتلوها أبي الراحل وكبير عائلتنا وكبير شعب كنيسة العذراء المطرية القمص يوحنا فؤاد، والذي مهما سمعت تلك الطلبة من أي كاهن آخر، تظل لصلاته هو طعم خاص لن يكرره الزمان.
وخميس العهد وصلاة اللقان والقداس الذي يقال فيه صلاة قسمة ذبح اسحق التي لم تفشل يوما أن تبكيني عندما اسمعها وأركز مع معانيها وكلماتها التي تدخل إلى القلب بدون تردد أو استئذان.
ويوم الجمعة العظيمة وصلوات مستمرة من الصباح وحتى المساء، وبين أمانة اللص ومراثي أرميا والحان كثيرة، يلتهب قلبي بحب من فداني على الصليب ومات لأجلي، وأذهب بعدها لأنام قليلا قبل أن أعود لنسهر في ليلة أبوغلمسيس لنسمع سفر الرؤيا وما يقوله الروح للكنائس وفتح الأختام.
عاد أسبوع الآلام ليذكرني بحب المسيح لي، ويذكرني بأن لي فيه نصيبًا وحبًا لن أجده في أي أحد ولا أي مكان سوى فيه وفي كنيسته.
Threads: @pwagiih