رئيس التحرير
عصام كامل

أوقفوا جريمة استغلال الأطفال!

جمع التبرعات لأعمال الخير والبر عمل إنساني يكرس لقيم العطاء والإحسان والتكافل؛ وهو ما دعت إليه الأديان كافة.. لكن جعل هذا الأمر غاية في ذاته، واتخاذه سبوبة يتوسع أصحابها في الإعلان عنها بشتى الوسائل، بل واستغلال الأطفال في تنفيذ أغراضهم لحث الناس على التبرع لعلاج المرضى في المستشفيات عمل مؤسف بل ربما يرقى أحيانًا إلى جريمة الإتجار بالبشر.


وبدلًا من أن يكون شهر رمضان فرصة حقيقية للتقرب إلى الله بالطاعات والعبادات وأعمال الخير وإخراج الصدقات للفقراء في السراء والعلن فقد جعله البعض مناسبة لإطلاق مدفع الإعلانات والحملات الإعلانية الضخمة التي تستجدى ضمائر أهل الخيرات للتبرع سواء لإنقاذ حياة مريض أو مساعدة أرملة أو معاق وغيرهم من ذوى الهمم..

إستغلال الأطفال في الإعلانات

لكن المؤسف حقًا أن تتضمن طائفة من تلك الإعلانات ألفاظًا خادشة للحياء وربما إيحاءات جنسية مثل إعلانات الملابس الداخلية وألبان الأطفال، وفى مثل هذه الإعلانات يتم استغلال أطفال لترويج منتجات أو لخلق تعاطف ما تجاه مؤسسة أو جمعية بحسبانهم أشد تأثيرًا في القوة الشرائية للمجتمع، وأكثر جذبًا للانتباه من ظهور نساء ورجال عاديين للترويج لنفس المنتجات.. 

 

حتى يجد ملايين المصريين أنفسهم، خلال 30 يومًا من الشهر الفضيل، أمام مشاهد قاسية لأطفال يروون تجاربهم مع المرض، أو غيرها من المشاهد التي تعكر صفو الناس وتزيدهم آلامًا فوق الآلام.


الأمر الذي يطرح سؤالًا: أليس من الأفضل توفير الأموال الطائلة التي تنفق على الحملات التلفزيونية عبر وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة وتوجيهها لدعم المرضي والمحتاجين مباشرة، بدلًا من إهدارها عمدًا على مادة إعلانية تستعطف الناس، وتتاجر عمدًا بألآم واحزان المرضي وأصحاب الحاجة والمعوزين.. 

 

ثم أين الجهات الرقابية وأين المجلس الأعلى للإعلام مما يجري.. أليس استغلال أطفال مرضي أو أيتام أو محتاجين أو نزلاء دور أيتام في تحقيق كسب لأصحاب الإعلانات أمرًا تؤثمه المواثيق والقوانين الدولية والمحلية أيضًا.. 

حيث شددت نصوص قانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010، وبخاصة المواد 2 و3 من القانون، العقوبات وفقًا للمادة 6 فقرة 6 في حالة ما إذا كان المجنى عليه طفلًا أو من عديمي الأهلية أو من ذوى الإعاقة، ليعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه.. 

 

كما أن نصوص التجريم الخاصة بحالة الاستغلال وفقًا لهذا القانون لا تواجه الافراد فقط بل انها تطال الأشخاص الاعتبارية كالمؤسسات والجمعيات ودور الأيتام، وذلك وفقًا لصحيح نص المواد 10 و11 و12 من القانون.


استغلال الأطفال فى الإعلانات زاد فى الفترة الأخيرة لدرجة لا تدفعنا للاطمئنان إلى أن الأمر مجرد مصادفة، بل يرقى للعمد ويصدر عن نية مبيتة ما يجعله جريمة استغلال للأطفال تستلزم التصدي لها لتحقيق الردع، والحفاظ على حقوق الأطفال ومنع انتهاك براءتهم.

 


ولا يتوقف الأمر على استغلال الأطفال في الظهور في الإعلانات التجارية فقط بل يمتد لاستغلالهم على السوشيال ميديا لصنع محتوى خاصٍ بهم، بقصد تحصيل عائد مادي وجعلهم نجومًا في وقت مبكر من أعمارهم، وهو ما ينتزع براءتهم ويشوه نفسيتهم.. فأين جمعيات حقوق الطفل مما يجرى.. ولماذا لا تتحرك بقوة لمنع هذه المشاهد والجرائم؟!

الجريدة الرسمية