الحكومة تظهر العين الحمراء لجشع التجار..
هل تنخفض الأسعار؟!
أخيرًا وجد المواطن من يسمع صوته ويستجيب لشكواه من الغلاء الفاحش الذي بات يؤرق السواد الأعظم من شعبنا.. أخيرًا أظهرت الحكومة العين الحمراء للجشعين من التجار، حيث خرج رئيس الوزراء بكلمات محددة حازمة لوزير التموين، بأنه لابد من خفض الأسعار في الواقع وليس في التقارير المكتبية..
بل إنه ذهب لأبعد من ذلك موجهًا حديثه إلى التجار.. قائلًا: الأسعار لازم تنزل، مش أنزل 5% و3%، لا زي ما زادت الأرقام الفلكية دي كلها لازم تنزل بأرقام معتبرة، عشان المواطن يحس ويبقى عنده أمل إن الدنيا بجد في حاجة إيجابية بتحصل على الأرض..
الكلمات مؤثرة تشعرك بأن الحكومة قررت أخيرًا أن ترفع العبء عن المواطن الغلبان.. لكن يبقى التنفيذ على أرض الواقع.. ولا أدرى هل سيستجيب التجار وخصوصًا تجار التجزئة لنداء الدكتور مصطفي مدبولى؟ وهل تملك الحكومة آلية واقعية للتحكم في الأسعار ليس بفرض تسعيرة جبرية فات أوانها في ظل اقتصاد حر يعتمد على قواعد العرض والطلب؟!
ربما يقول قائل إن ثمة زيادة أخيرة لأسعار المحروقات وعلى رأسها السولار الذي يدخل في نقل البضائع، ناهيك عن عوامل أخرى تتدخل لتحديد أسعار السلع، أهمها سعر المواد الخام في الأسواق العالمية، وتكلفة الشحن، والطاقة، فضلًا عن تحريك سعر الدولار الجمركي مع التعويم الأخير للجنيه، وافتقاد الأسواق لرقابة تموينية حقيقية في ظل عجز صارخ في أعداد مفتشي التموين باعتراف الوزير الدكتورعلى المصيلحي نفسه..
خفض أسعار السلع
لكن دعونا نتفاءل ونترقب.. فلعل مناشدة رئيس الوزراء للتجار وممثليهم من مسئولي الغرف التجارية، ووفرة المعروض من الدولار، والإفراج الكبير الذي تم عن البضائع أخيرًا يسهم في خفض حقيقي للأسعار، يشعر به المواطن ويعيد الأمل في استقرار الأسعار ويرفع أعباءً ثقالًا عن كاهل المواطن الذي بات في مهب الغلاء وموجات تضخم لا تبقى ولا تذر.
رئيس الوزراء شدد خلال اجتماعه بعدد من كبار مصنعي ومنتجي وموردي السلع الغذائية وممثلي كبرى السلاسل التجارية على أن المواطن يشكو من استمرار الغلاء، رُغم تراجع سعر صرف الدولار بنسبة 50 أو 40% من قيمته السابقة عبر السوق الموازية، التي كان التجار يستندون إليها في تحديد أسعار السلع.
واعتبر مدبولي أن السيطرة على التضخم المرتفع تكمن في خفض أسعار السلع الرئيسية.. فهل نتوقع إجراءات غير تقليدية لضمان تراج الأسعار وثباتها حينًا من الزمن بعد أن كانت السلعة الواحدة ترتفع مرة واثنتين في اليوم الواحد بشهادة مدبولى نفسه؟!
وهل نتوقع أن تقوم الحكومة ممثلة في وزارة التموين التي لا نرى لها أثرًا مهمًا في حركة الأسعار في الفترة الأخيرة.. هل نراها تتولى نشر فرق متابعة ليس في السلاسل التجارية والسوبر ماركت فحسب بل في الأسواق كافة خلال الأيام المقبلة، لإعداد تقارير حقيقية عن الأسعار من واقع شهادات المواطنين الذين يرتادون الأسواق وهم المعيار الحقيقي للحكم على ما يتحقق من إنجاز في ملف الأسعار؟!
وهل يترفق التجار بالمواطنين الذين واجهوا مستويات غير مسبوقة من التضخم وصلت- بشهادة البنك المركزي نفسه- إلى 35.7% في فبراير الماضي، مما دفع الأخير لزيادة سعر الفائدة 8 نقاط أساس منذ بداية 2024 للسيطرة على هذا التضخم الناجم عن عدم توافر الدولار اللازم لاستيراد السلع ومستلزمات الإنتاج، وتذبذب سعره أمام الجنيه المصري مع نقص المعروض وارتفاع أسعار السلع لمستويات تاريخية.
دعونا ننتظر لنرى هل يتحقق ما اتفقت عليه الحكومة مع التجار والمصنعين على خفض أسعار السلع بنسب تتراوح بين 15 و20% في الأسواق خلال ساعات، على أن يستمر الانخفاض التدريجي حتى تصل النسبة إلى 30% بعد عيد الفطر.. وإن غدًا لناظره قريب! حكومة مدبولي في اختبار حقيقي.. فهل تنجح هذه المرة.. نتمنى.