رئيس التحرير
عصام كامل

هل يخالف الوزير الدستور؟!

ما معنى أن يصدر وزير الصحة قرارًا وزاريًا بتحديد نسبة العلاجي المجاني بنسبة 25% في المستشفيات الحكومية، وقد أباح للمستشفيات ومراكز الخدمات العلاجية أن تتقاضى أجورًا اقتصادية نظير خدماتها الطبية وتخصيص نسبة لا تقل عن (25) من عدد الأسرة بالأقسام الداخلية للعلاج المجانى.. 

 

على أن تكون أولوية استحقاق العلاج المجاني للمواطنين الحاصلين على معاش تكافل وكرامة أو حاملي بطاقات الخدمات المتكاملة أو أسر الشهداء والضحايا والمفقودين ومصابي العمليات الحربية والارهابية والأمنية وأسرهم أو بناء على توصية لجنة البحث الاجتماعي بالمستشفى، ممن لا يتمتعون بنظام تأمين صحى أو رعاية صحية.. 

 

شريطة أن تعتمد من مدير المستشفى أو مدير مركز الخدمات العلاجية، بالإضافة إلى حالات الطوارئ وتشمل الحوادث والحالات الحرجة التي تقتضى التدخل السريع لإنقاذ حياة المريض أو لمنع تفاقم الحالة على أن تراجع أوراق التشخيص والعلاج لاحقًا من قبل مدير المستشفى لإقراره!


فإذا تأملنا ظروفنا الاقتصادية وتوسع دائرة الفقر نتيجة موجات التضخم وتراجع القوة الشرائية للمواطن بتراجع العملة المحلية أمام نظيرتها الأجنبية.. فهل نسبة من يحتاجون العلاج المجانى تقف عند حدود 25% من المواطنين.. فأين يذهب الباقون وهم كثر؟!

الحق في العلاج


أتصور أن نسبة الفقراء أكثر من ذلك بكثير؛ ومن ثم فلابد من دراسة معدلات الفقر الحقيقية في مصر قبل تحديد نسبة المستحقين للعلاج المجاني على نفقة الدولة، ومعرفة أعداد من تشملهم مظلة التأمين الصحى على وجه التحديد.. 

 

وقبل هذا وذاك لابد من مطابقة نسبة ما يتم إنفاقه فعليًا على صحة المواطن على تلك التي حددها الدستور الذي ألزم الدولة فى المواد 18 و19 و21 و23 ا بتخصيص نسبة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى للإنفاق الحكومى للصحة على أن تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.. فهل تحققت بالفعل تلك النسبة على أرض الواقع وهل وصلنا للمعدلات العالمية أو حتى قريبًا منها؟!.. أشك!
 

لقد فصّل الدستور في مادته رقم 18 القول في الشأن الصحي حيث نص على أن “لكل مواطن الحق فى الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل”.. 

 

فهل تحقق وزير الصحة من تطبيق تلك المادة واقعيًا؟! خصوصًا في الريف والمناطق النائية التي ربما لا تجد وحدة صحية بمواصفات مقبولة، وحتى إن وجدت هل تجد فيها أطباء وطاقم تمريض لتقديم الخدمات الأولية؟ في ظل العجز الصارخ في الأطقم الطبية وهجرة الأطباء للخارج، وهي المشكلة التي لم تجد لها حلًا حتى الآن في ظل تردى منظومة الأجور وهروب الكفاءات خارج تلك المنظومة.. 

 

وإذا أردنا دليلًا على ذلك فارجعوا لزيارات الوزير الميدانية للمستشفيات وحجم الغيابات بين العاملين بالمستشفيات الحكومية لنرى حجم الإهمال وتزويغ الأطباء لقضاء مصالح أو مباشرة الأعمال في العيادات والمراكز الخاصة لمواجهة أعباء الحياة وما أكثرها في ظل الغلاء الفاحش!


رأيى أن توسيع منظومة العلاج المجاني بطرق مختلفة هو الحل الأمثل للوفاء بالحق الدستوري في الرعاية الصحية حتى تكتمل منظومة التأمين الصحى التي ستبقى هي المشروع الأهم والناجح لعلاج قصور الصحة في مصر وحرمان الكثيرين من فرصة العلاج الناجح والرعاية الطبية في حدها الأدنى قياسًا بالمستويات العالمية.. 

 

 

أما قصر العلاج المجانى على ربع المواطنين بينما يرزح أكثير من 50% تحت خط الفقر فذلك معناه حرمان أعداد مماثلة وربما أكثر من الحق في العلاج المجاني، وبالتالي تركهم نهشًا للمرض الذي لا يرحم.. نرجو إعادة النظر في الحق في الصحة!

الجريدة الرسمية