رئيس التحرير
عصام كامل

المنافق خطر لا يؤمن شره.. فاحذره!

ليس بعد الكفر ذنبٌ.. نعم لكن يبقى النفاق أشد خطرًا وأكثر خبثًا على المجتمع حتى من الكافر أو العدو الصريح؛ فإذا كان الكفار عدوًا مبينًا من الخارج فإن المنافقين عدو خفي من الداخل وهم أعظم ضررًا وأشد خطرًا على أي مجتمع؛ فهم أقرب للطابور الخامس؛ لأنهم يخالطون الناس عن قرب ويعلمون أحوالهم ولا يؤتمنون على أسرارهم.. ولذلك فإن عقوبتهم أشد حيث توعدهم الله بأعظم العذاب؛ يقول الله تعالى:"إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا" (النساء: 145).
 

المنافق يقبل عليك بوجه، ويدبر عنك بوجه آخر تمامًا؛ في الحقيقة ضدك يتحين الفرصة للانقضاض عليك، والطعن فيك ونشر أسرارك واستباحة خصوصياتك يستكثر عليك النعمة ويحسدك على ما أنت فيه من خير، يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب.. وآية المنافق ثلاث؛ إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان.. 

 

المنافق يلبس رداء الصديق أو الحليف لكنه في الحقيقة لا ينتمى إلا لنفسه؛ ينطوى على أنانية تصل لحد الحقد، يجالسك ويطلع على أسرار ولا يتورع عن بيعك بأبخس ثمن.. ودائمًا ما يكون المنافقون في حيرة وتقلب، يمارسون الخداع والمكر.. 

وينتهزون الفرص وهم وبال على مجتمعاتهم، ظاهرهم مع المؤمنين، وباطنهم مع الكافرين، حينًا مع المؤمنين وحينًا مع الكافرين "مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا" (النساء/143).. هؤلاء لا نفع فيهم بل بالعكس ضررهم أكبر من نفعهم إن كان لهم نفعٌ يذكر.

المنافقون وأفعالهم


ولم يكن مستغربًا أن يسمّي الله في القرآن سورة باسمهم؛ للتحذير من خطرهم وفضح ما تنطوى عليه نفوسهم من شر مستطير، فالمنافقون لفساد قلوبهم أشد الناس إعراضًا عن دين الله كما أخبر الله عنهم بقوله: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا" (النساء/61).


أفعال المنافقين تدور مع مصالحهم، فإذا لقوا المؤمنين أظهروا الإيمان والموالاة غرورًا منهم للمؤمنين، ومصانعة، وتقية، وطمعًا فيما عندهم من خير ومغانم.. وإذا لقوا سادتهم وكبراءهم قالوا نحن معكم على ما أنتم عليه من الشرك، والكفر كما قال سبحانه عنهم: "وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ" (البقرة/14-15).


من أخطر صفات المنافقين العداوة والحسد للمؤمنين كما قال سبحانه: "إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ۖ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ" (التوبة/50 ).. ولا تخلو أفعالهم من الفساد في الأرض بالكفر والنفاق والمعاصي والبهتان والكذ ب: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ).


لا يتورع المنافق عن الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف والبخل بالمال كما أخبر الله عنهم بقوله: "الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" (التوبة/67 ).

 


دائمًا ما يهتم المنافق بالمظهر بينما ينطوى على فساد المخبر وزخرفة القول كما قال الله عنهم: "وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ" (المنافقون/4 ).. اللهم احفظنا من كل منافق لا يؤمن شره ولا يرجى خيره.

الجريدة الرسمية