لعلمه الذين يستنبطونه منهم
الله سبحانه وتعالى أرشدنا في كتابه الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إلى أن نأخذ علم الدين وأحكامه من أهل الذكر لا من غيرهم، أي من أهل القرآن أهل فهمه ومعرفته، حيث قال عز وجل: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ". وقال: “وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ”. أي أهل العلم منهم "لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ".
ولقد أشار النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليهم بقوله "العلماء ورثة الأنبياء". وقوله "أهل الذكر هم أهل الله وخاصته". هذا أمر الله تعالى وتوجيهه لنا ولكن نحن في زمن قل فيه أهل العلم والاستنباط والفكر المستنير، وكثر فيه الرويبضة وأدعياء العلم وتعالت فيه أصوات الجهلاء وأعداء الحق والدين.
نحن في زمن ضاعت فيه الأمانة وكُذًِب الصادق وصٌدًِق الكاذب. نحن في زمن تصدر المشهد أهل الجهل والعمى وأصبح الدين يخضع للأراء الزائفة الصادرة من أصحاب المذاهب والأفكار المريضة الباطلة والمُغرضة والتي تعمل على شق صف الأمة وتشويه صورة العلماء الربانيين والذين هم حٌماة الدين ومناراته.
ولا يَخفى علينا أن أعداء الإسلام متربصون بالإسلام والمسلمين ويعملون جاهدين على تشويه صورة العلماء الربانيين والورثة المحمديين كأمثال فضيلة شيخنا الجليل مولانا الإمام الشيخ أحمد الطيب وفضيلة مولانا الدكتور علي جمعة وغيرهم من أهل الاستنباط والفكر المستنير.
الحكمة والموعظة الحسنة
وهناك للأسف من العامة الذين يركبون الموجة دون فهم ودون تعقل ويخوضون في أهل العلم والسادة والأولياء والصالحين. يا سادة إن أمر الدعوة ليس لكل من هب ودب ولا كل من قرأ واطلع. الدعوة إلى الله لها أسس وقواعد تُقام عليها الدعوة وهي "الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن" كما أشار الحق سبحانه بقوله "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ".
ومن المعلوم أن الحكمة عطاء وهبة ومنحة إلهية يخص بها الله تعالى من يشاء من عباده الأوفياء الأتقياء الأنبياء المخلصين وهي قاصرة عليهم. يقول سبحانه وتعالى: "يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا".
ومن الحكمة مخاطبة العقول على قدرها وإدراك ما يناسب أهل الزمن وأحوالهم. هذا والموعظة الحسنة إشارة إلى حسن خلق الداعي وطيب قوله ودعوة الناس إلى الله بالكلمة الطيبة والتيسير دون غلو ودون تشدد. وهذا ما يفتقده الكثيرون ممن يتصدرون للدعوة في هذا الزمان.
هذا والجدال بالتي هي أحسن لا يصدر إلا من عالم رباني صاحب نفس هادئة وصدر فسيح متسع صاحب فهم رباني ونور بصيرة. وفي الختام اللهم أرنا الحق حقا وأرزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا اجتنابه.