لا يهمنا!
أحد رؤساء البنوك الكبيرة فى مصر قال فى تصريحات صحفية: نحن لا يهمنا سعر الجنيه! وقبل ذلك قال أن البنك المركزى لا يستهدف سعر الصرف وإنما يستهدف التضخم.. وهذا يعنى أن المصرفى الكبير غير مقتنع بأن انخفاض قيمة الجنيه كانت أحد الأسباب المهمة لاندلاع التضخم فى البلاد، أو أنه مقتنع بذلك ولكنه يقول عكسه..
ويردد ذلك الكلام الشائع والذى مازالت تتبناه الحكومة وهو أن التضخم مستورد من الخارج لإخلاء مسئوليتنا عنه، حينما لم نفعل ما هو ضرورى لسد أو حتى تخفيض الفجوة الدولارية المزمنة، واعتمدنا في سدها على الأموال الساخنة التى هجرتنا بشكل مفاجىء وكبدتها قبل عامين نحو ثلثى احتياطاتنا لدى لبنك المركزى!
وإذا كان إنخفاض قيمة الجنيه سببا مهما للتضخم الذى هاجمنا فإن ذلك معناه أن هذا التضخم لن ينحسر إلا إذا تحسنت قيمته.. إن طلاب الاقتصاد يتعلمون أن قيمة العملة هى عنوان قوة أو ضعف أى إقتصاد.. وهذا قول لا يعرفه الذين صدعوننا بما أطلقوا عليه السعر العادل للعملة.. وسيكون الاقتصاد قويا إذا أصبح يحقق انتاجا يفوق استهلاك الناس، وإذا كانت الصادرات تفوق الواردات..
ولن يتوفر نقدا أجنبيا فى الجهازالمصرفى إلا بذلك.. فإن البنوك لن توفر دولارات لمن يطلبها.. ما سيوفر ذلك المنتجون والمصدرين أساسا، وهؤلاء قبل غيرهم هم من ينبغى علينا تشجيعهم وإزالة العقبات التى تعترض طريقهم.
أما مكافحة التضخم برفع أسعار الفائدة التى تحقق امتصاصا للسيولة وتخفض الطلب على السلع فلا يجدى في حالتنا، لآن التضخم الذى نعانى منه ليس سببه زيادة في الطلب على السلع وإنما إنخفاض قيمة الجنيه.. وهذا قال به كثيرون خلال شدة أزمة شُح الدولار ولعلهم مازالوا يتذكرون ماقالوه.
إذن قيمة الجنيه يجب أن تهمنا الآن كما كانت تؤرقنا أيام شُح الدولار!