رمضان قصير.. لا يحتمل التقصير!
ما أسرع ما تمضى أيام رمضان شهر الخير الوفير والنفحات الربانية.. وما أكثر ما تمر الأيام الجميلة مسرعة.. فلا تحرم نفسك من فضائله.. وتزود منه بعمل الخير؛ فما أعظم أن تفرج عن الناس كربة أو ضيقًا، بقضاء حوائج المحتاجين والإحساس بمتاعب الفقراء والمرضى؛ فالعبرة بثمرة الصيام وما يتركه من أثر حسن في معاملاتك مع الناس؛ فالدين المعاملة، فلا تجعل نصيبك من الصيام هو الجوع والعطش ولا حظك من القيام هو التعب والنَّصَب؛ فما جعل الله الصيام لتجويعنا بل لتهذيب رغباتنا، وتعزيز إحساسنا بالمحرومين من حولنا.
فليس من الصيام في شيء ما نراه من تزاحم وتصايح وتشاحن على أسبقية المرور في الشوارع قبيل الإفطار.. وليس من الصيام ما نراه من جرائم قتل يشيب لها الولدان؛ ولا ما تعرضه برامج مقالب ومسلسلات تغذي العنف والأنانية والعري وخدش الحياء.. وتخاصم القضايا والأولويات الحقيقية، والتوعية بأوجب واجبات الوقت..
روح الصيام
فرمضان فرصة للانتصار على الشهوات ورغبات النفس ونزغات الشيطان ونزعات الهوى ومراجعة النفس، وهو فرصة لإصلاح العلاقات التي أفسدناها طيلة العام، وهو فرصة للتراحم وصلة الأرحام، فما جعلت العبادات إلا للتقوى وتهذِيب النفوس وترقية الأخلاق وتماسك المجتمعات وتقوية العلاقات.
وإذا أردت أن تقيس مدى استفادتك من رمضان؛ فانظر هل تغير سلوكك للأفضل، هل تحسنت أخلاقك ومعاملاتك، وازداد إسهامك في تعزيز التكافل وتمتين العلاقات وصلة الأرحام.. أم أسرفت في القطيعة والملذات ومشاهدة برامج ومسلسلات لا تبني قيمة ولا تصلح خلقًا ولا تخلق وعيًا حقيقيًا إلا ما رحم ربي!
ما أعظم أن تسعى في قضاء حوائج الناس على اختلافهم؛ فذلك من أنفع الأعمال وأحبها إلى الله.. فليست السعادة كما يعتقد بعضنا أن تأخذ فقط.. بل أن تعطى وتسعى لإسعاد غيرك فذلك كفيل بأن يجلب راحة للنفس وطمأنينة للقلب ولذة للروح وصفاءً وتصالحًا مع الحياة واكتفاءً واستغناءً.. واعلم أن ما في يدك من مال أنت مستخلف فيه، وللفقراء والمحرومين حق فيه، فبادر بالصدقة ومد يد العون لكل محتاج فذلك أقرب لروح الصيام ولرضا الله سبحانه وتعالى.
رمضان قصير لا يحتمل التقصير ولا التقتير؛ فبادر بالإنفاق بما تستطيع؛ فقد شرع الله زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو، والرفث، وطعمة للمساكين.. أما الامتناع عن مساعدة الآخرين فهو خيانة للإنسانية وخطيئة لا تغتفر وبخل لا يليق بأصحاب النفوس الكريمة وأنانية لا يرجى من صاحبها خيرًا.. فالله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.