دولة تحارب الدولرة واُخرى تشجعها!
بينما كان أحد أهداف البنك المركزي من رفع الفائدة بمعدل كبير كسر حلقة الدولرة، أي الإقبال على الدولار واكتنازه أو الاحتفاظ به، فإن هناك جهات حكومية تفعل العكس، تشجع على الدولرة والإقبال على الدولار.. ومن بين هذه الجهات هيئة المجتمعات العمرانية، التي طرحت مساحات من الأراضي لأغراض استثمارية والثمن بالدولار!
وهكذا كأننا في دولتين أو أكثر.. دولة تعزز الإقبال على الجنيه كما فعل البنك المركزي برفع سعر الفائدة 600 نقطة بعد مسيرة رفع سابقة، ودولة أخرى تشجع الإقبال على الدولار والانصراف عن الجنيه بالتعامل بغير العملة الوطنية واستبداله بالتعامل بالدولار..
والمثير أن ذلك يحدث في وقت تتغنى فيه الحكومة والبنك المركزي بالتنسيق الوثيق بينهما والذي بلغ مستوى عاليًا جدا!
وهذا يذكرنا بما كان يحدث في ذروة أزمة النقد الأجنبي قبل تحويل الدفعة الأولى من أموال مشروع رأس الحكمة، حينما لجأت الحكومة بحثا عن الدولار إلى تصرفات للتحصل على دولارات، مثل أعفاء سيارات العاملين بالخارج من الجمارك مقابل دفع قدر من الدولارات كوديعة تسترد بالجنيه، ومثل حصول البنك المركزي على نسبة من الدولارات التى يدبرها المستوردون من السوق السوداء لتمويل واردات لهم!
إنه التخبط وتضارب المواقف والقرارات والسياسات.. وهذا التضارب خطأ وخطر ولا يجدي نفعا لتجاوز أزمة النقد الأجنبي.. فنحن في دولة واحدة ويتعين أن تعزف كل جهاتها وهيئاتها ذات اللحن ونفس النغم.
ولا يصح أننا في الوقت الذي كنّا ننتقد بعض المدارس الاجنبية والدولية تحصيل رسومها أو قدر منها بالدولار أن تفعل جهة حكومية ذات الفعل وتبيع أراضى الدولة بالدولار.. ولا يحسب أصحاب هذه البدعة أن ذلك يساعد في توفير مزيد من الدولارات، لآن الأجانب الذين سوف يشترون هذه الأراضي سوف يستبدلون دولاراتهم بالجنيه المصري من خلال الجهاز المصرفي، وهذا ما نستهدفه وهو الطريق السليم أساسا.