طبيب الإنسانية الذي أبكانا رحيله!
إذا شعرت بالألم فأنت حي.. أما إذا شعرت بآلام الآخرين فأنت إنسان.. وهذا بالضبط ما كان يفعله طبيب الغلابة الدكتور هانى الناظر أستاذ الأمراض الجلدية، الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث الذي غيبه الموت منذ أيام بعد صراع مع مرض السرطان.
رحل طبيب الإنسانية، جابر الخواطر الذى طالما خدم البسطاء دون مقابل، واتسع صدره لمتاعب الناس وشواغلهم واقتطع من وقته وجهده شيئًا غير قليل على السوشيال ميديا ليرد على استفساراتهم ويشخص أمراضهم ويكتب لهم ما ينسب حالاتهم من الدواء..
ولا أدرى كيف كان يتحمل الإجابة عن كل هذه الأسئلة التي تتدفق على صفحته على فيس بوك من أكثر من مليون متابع وهو ما حفر مكانته وحبه في قلوب الملايين ظهرت جلية بعد إذاعة خبر وفاته لتتحول صفحات السوشيال ميديا إلى سرادقات عزاء تنعي فقيد الطب وفقيد الإنسانية بكلمات تمتلىء حزنا وحبًا حقيقيًا قلما تجده بهذا الحجم لطبيب أحيا قيمًا إنسانية تكاد تندثر في مهنة الطب..
هانى الناظر.. سيرة عطرة
تلك الرسالة التي حولها البعض للأسف إلى تجارة يتربح منها دون أن يتورع عن المتاجرة بآلام البسطاء الذين يسحقهم الغلاء والألم في آن واحد دون أن ترق لهم قلوب الأطباء الذين يغالون في أسعار الكشف حتى باتت فوق قدرة ملايين الفقراء في زمن بات الموت فيه أسهل من الحصول على الحق في الصحة والدواء.
هانى الناظر ترك سيرة عطرة ومسيرة حافلة بعطاء إنساني سيبقى رصيدًا له في الدنيا والآخر، ويكفيه آلاف الدعوات الضارعة إلى الله أن يتغمده برحمة واسعة جزاء ما قدم لأهل بلده من خدمات جليلة داوت المرض وخففت آلامهم وشاركتهم الأعباء وخففت عنهم كلفة العلاج.
سيظل هاني الناظر رمزًا إنسانيا اجتمعت له محبة الملايين، لتخلده في سجل الإنسانية بأحرف من نور ليضرب مثلًا أتمنى أن يلتفت له صغار الأطباء وكبارهم أن مهنة الطب أو الحكمة هي رسالة إنسانية تستهدف تخفيف معاناة المنكوبين بالمرض ومواساتهم في محنة تقتضي منهم التحلى بالرفق واللين والرأفة..
فالمريض أحوج ما يكون للدعم النفسي والمادى؛ فالمرض كأس وكل الناس شاربه، والموت غاية كل حى، فاعمل لآخرتك، فدنياك مهما طالت فإنها ضيافة وليست إقامة.. ودار عبور وليست دار خلود.. مجرد كوبري.. والكل مسافر مرتحل في حالة مرور وعبور.. مجرد عبور.. فاغتنم دعوة صادقة من فقير معدم ربما تكون سببًا في رحمة الله بك في موقف أنت أحوج ما تكون للرحمة.. إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء؛ فمن لا يرحم لا يُرحَم.. رحم الله طبيب الغلابة وأسكنه فسيح جناته.