أرزاق مقسومة وآجال محتومة
الإنسان يتقلب في رحلة حياته الدنيوية ما بين رزق مقسوم لا حيلة فيه فهو مقدر من الأزل، وأجل محتوم لا مفر منه، وكلاهما بقدر الله تعالى وتقديره وبيده وحده سبحانه، ولن يفارق أحد منا الدنيا قبل أن يستوفى رزقه وأجله كاملا.
ولقد أشار النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله “خمس كتبت على ساق العرش. لا حيلة في الرزق. ولا شفاعة في الموت. ولا رادا لقضاء الله. ولا راحة في الدنيا. ولا سلامة من ألسنة الخلق”.
وهذا من المعلوم لكل عبد مؤمن وبالرغم من ذلك إلا أن غالبية البشر ينتابهم هم الرزق والخوف من الموت، ويغفل الكثير منهم عن نهاية الأجل والموت والحساب. هنا سؤال يطرح نفسه وهو لماذا يقلق الكثير من الناس على رزقه ويخاف من الموت؟
الاستغفار والصلاة على رسول الله
الإجابة ببساطة هي: أن السبب الرئيس الذي هو وراء هم الرزق والقلق وتعجله والخوف من الموت هو البعد عن الله تعالى ومعصيته ومخالفة أمره تعالى ونهيه وعدم الرضا والتسليم لحكمه. والغفلة عن ذكره تعالى. وعدم إتباع الهادي البشير السراج المنير صلى الله على حضرته وعلى آله وصحبه وسلم وترك سنته الرشيدة. والاعتماد على النفس والركون إلى الأسباب وترك الاعتماد على مسبب الأسباب سبحانه وتعالى.
بالإضافة إلى الغفلة عن أسباب طمأنينة القلب وهدوء النفس وراحة البال وعدم الأخذ بها، والتي تتمثل في طاعة الله عز وجل والاستقامة على منهجه القويم وشريعته الغراء، والاشتغال بذكره سبحانه وهو المشار إليه في قوله تعالى: "أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".
وهو تعالى الذي جعل الإيمان به سبحانه وتقواه سببا لفتح لأبواب فضله وخزائنه.. حيث يقول تبارك في علاه "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ". وهو تعالى القائل على لسان سيدنا نوح عليه السلام في خطابه لقومه "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا".
هذا ولقد غفل الكثير منا عن مفاتيح خزائن الأرزاق والرحمات والمغفرة والعطايا والبركات والتي منها الإستغفار لقول النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "من لزم الإستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب".
والتي منها أيضا كثرة الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله لقوله عليه الصلاة والسلام لسائلة عن كثرة الصلاة عليه يكفى همك وتقضى حاجتك.. أي تكفي كل همومك الدنيوية والأخراوية والتي منها هموم الأرزاق وهم الموت وما بعده من بعث ونشور ومرور على الصراط وأهوال يوم القيامة وموازين الأعمال والحساب.
هذا ومن اليقين والمؤكد أنه من كان الله همه أي من كانت طاعة الله عز وجل وذكره ومرضاته هي شغله الشاغل كفاه الله تعالى ما أهمه. وفي الحديث القدسي يقول سبحانه "من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين". ويقول عز وجل أيضا في الحديث القدسي "عبدي أذكرني عند الصبح ساعة وعند العصر ساعة أكفيك ما بينهما". هذا وما أكثر رسائل الطمأنية المرسلة من الله تعالى ورسوله للبشر وما أغفل البشر عنها.. فلنعد إلى الله تعالى ونتوب إليه ونستغفره وننيب إليه سبحانه..