ما كم الدولارات المصادرة وأين تذهب؟
ليس هناك أي جديد حين نعيد ونزيد في جملة بديهية هي أن السياسة اقتصاد والاقتصاد سياسة، ونعتقد أن كل مواطنى مصر في العشر أوالخمسة عشر سنة الاخيرة باتوا بالعذاب الذين هم فيه يدركون معنى ومغزى هذه العبارة أو المفهوم الاكاديمي..
فالسياسة اقتصاد أي تكون قويا، أو بلطجيا أو انتهازيا، أو مستثمرا، مرابيا، إن كنت من دول التريليونات، مدججا بالسلاح، متكبرا باقتصاد لا يهتز، والوجه الاخر لهذا المفهوم، هو الاقتصاد سياسة، فحين تنجح كفاءات الوطن في وضع سياسات اقتصادية ومالية ناجحة تمتلئ خزائن الدولة، وجيوب المواطنين، وتكون رأس الدولة عالية مرفوعة، لا مستدانة، ولا باحثة عن قرض..
وفى الحالة المصرية، عزل المواطن نفسه عن ضحيج لا ينفع لوزير المالية.. وبات الشعب فريسة عملة تلاعبه وتراوغه وتحط من كرامته لتدللها عليه ولعجز دولة بحالها عن توفيره بالقدر الكافى، في الوقت لذي تحقق فيه شركات يملكها فرد أو بضعة أفراد، أقول شركات، وليس دولة قوامها تعدي المائة مليون، مليارات الدولارات وقيمتها السوقية تتجاوز التريليونات..
إنه الدولارالذي كشف عوار المعالجات المالية، بل كشف الاعوجاج في العلاج، فالدولة تطارد تجار العملة المسيطرين علي السوق السوداء، وفي الوقت ذاته لا تملك الحصيلة الدولارية الكافية لسد احتياجات المستوردين والمصنعين، فإن لجأوا إلى السوق السوداء واجهتهم قضايا أمن الدولة..
أين الدولارات المصادرة؟
طبيعي أن تلاحق الدولة عصابات اكتناز الدولار والمضاربة عليه، وطبيعي أن يحتاج المصنعون للعملة العسيرة لشراء مستلزمات الانتاج، وطبيعي أن تكون لدي بنوك البلد دولارات تغطي الاحتياجات كافة، من غذاء ودواء وقطع غيار واعلاف وكيماويات..
لكن المعادلة مختلة، فلا الدولة تملك ما يكفي، وتسعي لتدبيره بالاقتراض، ولا تركت السوق الموازية، إذ لا يجوز أن تتركها بطبيعة الحال تضارب علي سعر الجنيه في مواجهة الغول الدولاري، وفى المنتصف، يتعذب الناس في أكلهم وشربهم ودوائهم واحتياجاتهم..
أسباب ما نحن فيه باتت محفوظة ومكررة، وحين يتكرر التكرار يقع الملل ثم العزوف ثم تتعمق النزعة نحو نسيان الأسباب، وتتسلط فقط فكرة كيف اشترى كيلو اللحم ب٥٠٠ جنيها، يعني الالف الزيادة التى قدمها الرئيس نهبها التجار قبلها بشهر، وصارت تساوى ٢ كيلو لحمة!
ويسأل الناس عن نهاية الحلقة المفرغة: ليس لديك يا حكومة دولارات.. ولذلك تطاردين من لديه الدولارات بالمليارات، في سوق اخوانية سرية موازية، ثم هناك رجال أعمال يحتاجون ما لا توفرينه، فلا رحمتي ولا تركت رحمة اللصوص تنزل!
وسؤال آخر: ما هو حجم الأموال الدولارية التى تصادرها الحكومة يوميا وشهريا وسنويا؟ وأين تذهب هذه الأموال بالضبط؟
لابد من إعلان يومي كاشف عن حجم الأموال التى تصادرها الجهات الرسمية، وأين توضع، وفيم تستخدم، وأن يكون ذلك مستداما وسياسة ثابتة لوزارة المالية، منعا للقيل والقال، لأن البلد تشغي قيلا وقالا..
الشفافية يا وزارة المالية مطلوبة.. خصوصا أن المالية بالذات تعرضت لاتهامات إستخدام سيارات تمت مصادرتها في وقت يوسف بطرس غالي.. بطبيعة الحال لا أرمى إلى إتهام، بل أرمى إلى التذكير بضرورة درء الشبهات بإعلان كم صادرت وفيم أنفقت أو حفظت..