رئيس التحرير
عصام كامل

بعد أردوغان.. وطهران في القاهرة؟

استقبلت مصر أمس الأربعاء، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بحفاوة ملفتة للأنظار، بعد قطيعة وعداوة مع مصر الدولة، استمرت 11 سنة، منذ آخر زيارة لأردوغان بصفته رئيسا للوزراء، فقد كان الرئيس التركي وقتها عبد الله جول.
 

يجيء الاستقبال المصرى للرئيس التركي بعد نجاح جهود الدولتين، على مستوى الوزراء والأجهزة السيادية المعنية، في وضع حلول وتوافقات فيما يتعلق بملفات المنطقة، ليبيا بالطبع، غزة أكيد، التعاون الثنائي الشامل.

 

 

والحق أنه يمكن القول أن لزلزال كهرمان مرعش الرهيب الذي هز العالم بأسره وقتها دورا قدريا في التعجيل بالتقارب فبادرت مصر بالزيارة والمساندة والمواساة.. ومن ثم يمكن أن نقول أن العلاقات المصرية التركية ولدت من جديد من تحت أنقاض الدمار في تلك المنطقة المنكوبة.


الملف الليبي يهم مصر مباشرة بسبب الحضور التركي الثقيل هناك ومذكرات التفاهم الموقعة بين رئيس الوزراء الليبي الدبيبة والرئيس التركي، بعيدا عن تصديق مجلس النواب الليبي، والملف التجاري هو أنجح الملفات بين البلدين.

 

فقد واصل التجار ورجال الأعمال في مصر وتركيا علاقات التعاون والاستثمار والتبادل التجاري رغم القطيعة السياسية والدبلوماسية وحجم التبادل الآن ستة مليارات دولار، يطمح الطرفان وصولها إلي 15 مليار دولار، وهذا النجاح أظهر بوضوح أن قطبي الحكم في الدولتين تمتعا ببصيرة بعيدة في عدم التصعيد، رغم الهجوم الاعلامي الضاري علي نظام الحكم في مصر من أبواق الإخوان والمارقين، من منصات اعلامية في تركيا.


لم تأت من فراغ العبارة التى قالها أردوغان، وهي أن ألف عام مرت علي علاقات مصر وتركيا، بل هي علاقات عتيقة منذ استولى العثمانيون على مصر 1517، في موقعة الريدانية وشنق طومان باي على باب زويلة بالقاهرة.

القاهرة الرياض أنقرة طهران


وليس من المفيد الآن أن نستعيد أحلام تجديد الخلافة في فترة الرعاية التركية، أو العثمانلية الجديدة، بعد وصول مرسى وشركاه لقصر الاتحادية 2012، بل المفيد أن نشعر بأن قوة الدولة المصرية، وتماسكها، جعل الأتراك يرون مصر الرؤية الصحيحة، وأنها لا يمكن ان تكون ولاية عثمانية، بل هي قوة إقليمية كبرى، ضمن منظومة قوي كبرى في الإقليم أبرزها تركيا بطبيعة الحال، ثم إيران ثم السعودية. 

 

أبرز ملفات الزيارة التركية التعاون العسكرى، وهو تعاون بدأه الرئيس السيسي في زيارته في عهد مرسي وقت كان وزيرا للدفاع، وتتجدد اليوم اتفاقيات الإنتاج العسكري المشترك وتبادل الخبرات، وربما عودة المناورات المشتركة.

 

السعادة التى بدت على وجوه رئيسي الدولتين، والوفود من الطرفين، كانت ضربا من الخيال والأوهام قبل عام أو عامين، وقد وضعت كثيرين ممن سبوا وشتموا ولعنوا في حرج بالغ، والحق ومع مواجهة صريحة مع الذات، فإن صاحب هذا القلم دعا الى مقاطعة البضائع التركية مادامت أنقرة أردوغان تدعم الإخوان.


على آية حال فإن المصالح العليا للشعوب ترعاها البصائر السياسية الناضجة للزعماء، وتتغلب البراجماتية أي النفعية العملية على كل الحواجز، وتتفادى بعبقرية وذكاء مهاترات الشعبوية الاعلامية، إذ لا يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف.
 

يبقى أن نرجو مصالحة مصرية إيرانية في أقرب وقت، فالتقارب المصري الإيراني سوف يعالج بنجاح مشكلات كثيرة في المنطقة ألحقت أضرارا بالغة بالمصالح المصرية وبخاصة في البحر الأحمر مما أثر على حركة التجارة عبر قناة السويس، حيث انخفضت إيراداتنا ٥٠٪؜ أي ضاعت علينا ستة مليارات دولار.
 

 

نرى أن تتقارب القاهرة وطهران كما تقاربت الرياض وطهران، ولتجتمع القوى الإقليمية الأربع الكبرى على كلمة سواء لصالح العروبة ولصالح الإسلام، وعندئذ ستتغير لغة الغرب وسفالته، ونفاقه المفضوح.
القاهرة الرياض أنقرة طهران، محور لو تحقق، لتغيرت المعادلة في المنطقة.. واحترمونا كلهم..

الجريدة الرسمية