رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين نارين!

بعيدا عن أزمة الدولار، ولصوص التجار، يجب أن ننتبه إلى أن الوطن مقبل على اختيار عسير عصيب، بلا أدنى مبالغة، ومن الأصح أن نقول إن الموقف الذي يجب على مصر أن تختار فيه بين أمنها القومي، وبين إنسانيتها، من ناحية وتعاطفها مع الأشقاء في رفح من ناحية أخرى، هو أشبه بكارثة تتجه بقوة لتضغط على القرار السياسي المصرى قبل المصيبة الداهمة..


منذ بدأت عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضى والتى ألحقت بالدولة اليهودية النازية هزيمة استراتيجية هزت أركانها، ومصر تضغط في كل اتجاه لوقف الحرب، لوقف التهجير نحو الجنوب من غزة، نحو بوابات رفح المصرية، نحو سيناء.


لأكثر من أربعة أشهر، تتعاون مصر مع أمريكا، وإسرائيل، وقطر، لوقف الحرب وتبادل الأسرى، وفي الوقت ذاته تحملت القيادة السياسية المصرية رزالات حفنة من مساعير حكومة إسرائيل، على رأسهم الصهيوني القمئ الكذاب نتنياهو، ومعه ذئبان مسعوران يدعمانه، سموتريتش وزير المالية، ثم ايتمار وزير الأمن القومى، فهؤلاء أول من كشف عن خطة طرد الفلسطينيين من غزة إلى مصر..

إنهاء عملية رفح


واليوم ونحن في الشهر الرابع من حرب الإبادة، مصحوبة بصعبانيات دولية، وعربية واسلامية، تعلن إسرائيل أنها استعدت لدخول رفح.. عتبة البيت المصرى مباشرة..


الأمر الذي أصدره المسعور نتنياهو إلى قواته هو ضرورة إنهاء عملية رفح للقضاء علي أربع كتائب يزعمون أنها ما تبقى من حماس قبيل بدء شهر رمضان المعظم. بمعنى أخر، هو يطلب من قواته إنهاء الذبح قبل بدء شهر الصوم احتراما لمشاعر مليار مسلم بينهم 400 مليون عربى لا قيمة فاعلة ضاغطة لهم..


أعداد مليارية تجيد الطنطنة، ولا تحرك ساكنا ولو بقطع العلاقات التجارية مع الدولة النازية. وكالعادة، يفاجئنا نتنياهو بأنه أبلغ رفيقه اليهودي بلينكن بخطة غزو رفح وتهجير مليون وأربعمائة ألف فلسطيني، ظهورهم إلي السور المصري العازل، ووجوههم إلى الدبابات الصهيونية.. كانت أمريكا تعلم إذن، ولا يكفى تصريحها بأنها ضد عملية واسعة النطاق، لأنه يعني في مضمونه أنها توافق على ضرب رفح وقتل المدنيين دون إسراف. سياسة حقيرة.


هذه المنطقة مساحتها 62 كيلو متر مربع، يعيش عليها حاليا في الخيام ومبان تتلقى ضربات جوية ومدفعية، المليون وأربعمائة ألف أدمى أعزل، جائع بردان ضائع، بلا أمل، فإذا نفذت إسرائيل هجومها على رفح سوف يقتل الألاف، بالاضافة لمائة ألف شهيد ومصاب حتى الأن، فماذا ستفعل مصر إزاء تدافع مئات الألوف، يلوذون بمصر، يجتاحون البوابة الرسمية ويخترقون السور العازل؟


هل نتركهم يقتحمون حدود الوطن فتحصل اسرائيل على مكسبها من الحرب وهو التهجير القسرى؟ هل نصدهم، هل نقاومهم؟ نحن أمام إختيار أخلاقي أمنى غير مسبوق؟ إن خرجوا وفتحنا للأخوة حدودنا، لن يعودوا أبدا إلي غزة.. فتقع النكبة الثانية، وبسبب نجاح هذه الخطة في غزة لا قدر الله، ستشرع في تنفيذها بالضفة الغربية لاجلاء سكانها إلى الأردن!
 

 

ترى ماذا سيكون القرار المصرى ؟
أمنك مقابل أخلاقك وانسانيتك.. تلك هي المعضلة. مصر بين نارين.

الجريدة الرسمية