رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا تنتظر الحكومة لتعديل المسار الاقتصادي؟!

ما قالته الدكتورة عالية المهدى أستاذة الاقتصاد في حوارها لأحد برامج قناة صدى البلد ينبغي أن تأخذه الحكومة مأخذ الجد، وألا تكتفى بالصمت كعادتها، فالوضع الاقتصادي لا يحتمل أي تهاون؛ فثمة صعوبات حقيقية وأوضاع لا يجوز تجاهلها مثل التضخم وارتفاع الأسعار وصعود الدولار الذي قفز بصورة غير مسبوقة.


دكتورة عالية المهدى وضعت يدها على عوامل تراها مواطن خلل حقيقية في سياستنا الاقتصادية؛ مثل عدم الملاءمة بين السياسية المالية التوسعية، والسياسة النقدية الانكماشية وهو ما خلق تضاربًا أدى بنا إلى ما نحن فيه من أزمة حقيقية.. 

 

وهى ليست أزمة نقدية فقط تتعلق بسعر الصرف، ونقص الدولار أو عدم وجوده بل إن هناك مشكلة في الإنتاج والتشغيل والادخار والاستثمار، فاقتصادنا غير حقيقي؛ فالإنتاج ينمو بشكل ضعيف، ودور القطاع الخاص محدود جدا؛ قياسًا بنصيبه من الائتمان المصرفي، وبلغة الاقتصاد يمكن القول -والكلام للمهدى- إن القطاع الخاص يجرى طرده من السوق رغم أنه يقوم بتوظيف 75 من قوة العمل في مصر؛ أي لا نستطيع الاستغناء عنه..

موجة تضخم جديدة

ورغم ذلك فإن دوره يتراجع، ذلك أن نصيبه الحصة الائتمانية يبلغ الآن نحو 21% وهو رقم هزيل جدًا إذا ما قورن بما كان يحصل عليه قبل 2011  ويبلغ  65%.. فكيف نتكلم عن تعظيم دور القطاع الخاص بينما الواقع عكس ذلك تمامًا؟!


أضف إلى ذلك أن معدل النمو يتراجع، كذلك تحويلات المصريين بالخارج من 32 مليار دولار سنويًا لنحو 22 مليارًا وهو ما حرم مصر من 10 مليارات دولار نتيجة تثبيت سعر الدولار في القطاع المصرفي عند حدود 31 جنيها لكل دولار بينما يصل سعره في السوق السوداء لضعف هذا الرقم، الأمر الذي يجب تغييره بعمل معاملة تفضيلية للمصريين بالخارج وللمصدرين في الوقت ذاته لتعظيم العوائد الدولارية في هذه المرحلة الصعبة!


لابد من خلق بيئة تحفيزية للقطاع الخاص أكبر منتج وأكبر مشغل وأكبر مصدر.. لابد من إجراءات سريعة.. والسؤال: ماذا عملت الحكومة بمخرجات الحوار الوطنى ولجانه الاقتصادية.. وهل نتحمل فاتورة تأجيل الإصلاحات شهرًا آخر؟!


التحرير المفتوح للدولار لا يصب قطعًا في صالح اقتصادنا، ولابد من التحرك على مسارات عديدة، أولها تنشيط الاستثمار وتوفير كل ما يحتاجه المستثمرون المحليون قبل الأجانب.. 

 

أما الحزمة الاجتماعية الأخيرة التي أقرت زيادة للموظفين والمعاشات على أهميتها لكنها لا تشمل كل فئات المجتمع ومن ثم فسوف يترتب عليها موجة تضخم إن لن تبادر الحكومة بالسيطرة على الأسعار وضبط الأسواق وزيادة الإنتاج ومواءمة السياسة المالية للسياسة النقدية بصورة فورية فلن يحل مشاكلنا مؤسسات دولية لا صندوق النقد ولا البنك الدولى ولا غيرهما ما لم نبادر نحن بإجراء تغييرات حقيقية في السياسة الاقتصادية.. 

 

 

والسؤال: هل استمعت الحكومة لآراء الدكتورة عالية المهدى وغيرها ممن خرجوا في الفترة الأخيرة باقتراحات إصلاحية وهم أهل التخصص.. وأهل مكة أدرى بشعابها.. لماذا لا يجلس وزراء المجموعة الاقتصادية مع مجموعة خبراء واقتصاديين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والخبرة لتعديل مسار اقتصادى ثبت عدم جدواه أو ضعف نتائجه.. ماذا تنتظر؟!

الجريدة الرسمية