مصيلحى المفترى عليه!
الهجوم الحاد من نواب بالبرلمان على وزير التموين على المصيلحي، يثير الدهشة مجددًا ويعد سلوكًا انتقائيًا، يجتزئ المشكلة من سياق أوسع يبدأ بوزير التموين وغيره من الوزراء ليصل إلى رئيس الوزراء نفسه، الذي يعد مسئولًا سياسيًا أصيلًا في كل شأن وزارى كبر أم صغر وفي أي وزارة كانت..
ثم إن المصيلحى كما قال الدكتور زياد بهاء الدين -نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي الأسبق- من أفضل من تولى المناصب الوزارية في مصر؛ فملف التموين الأكثر تعقيدا وصعوبة، وانفلات الأسعار كان نتيجة حتمية تقف وراءها أسباب كثيرة، منها ارتفاع الدولار، وعدم وجود استيراد واحتكارات بالسوق، فضلا عن ظروف عالمية أسهمت في صعود الأسعار.
لكن ما حدث؛ وفقًا لما قاله بهاء الدين، أن استجواب النواب حاسب الوزير على مجمل السياسات الاقتصادية للحكومة أولا، ومجمل العيوب الظاهرة في الاقتصاد، من حيث عدم وجود منافسة كافية وعدم وجود شفافية للأسعار..
وهو ما لا يُسأل عنه وزير التموين بل تُسأل عنه المجموعة الوزارية الاقتصادية ومسئولو السياسات النقدية.. فأين هؤلاء مما يجرى من انفلات للدولار أشعل أسعار كل شيء وأي شيء، بداية من الدواء والغذاء، مرورًا بخدمات الاتصالات.. وهو ما يستغله التجار للأسف في رفع أسعار أي سلع يتم إنتاجها داخل مصر!
مشكلة على المصيلحى
ولعلى أوافق الدكتور زياد بهاء الدين فيما ذهب إليه بأن الدكتور على المصيلحي كان وزيرا للتضامن الاجتماعي، وقد عايشته بنفسي عن قرب خلال تلك الفترة ولمست مدى تجاوبه في مساعدة الغلابة عن طريق جريدة الجمهورية، كما أنه أدخل فكرة تكافل وكرامة في مصر، كما نهض بهيئة البريد ووضعها على مصاف العالمية!
ورغم كل ذلك فإن مشكلة على المصيلحى الحقيقية هى ضعف الرقابة على الأسواق مهما يسوق من مبررات؛ ولا يعفيه منها ما يقوله إن هناك نقصًا في مفتشي التموين، فلماذا لا يطالب بزيادة أعدادهم طالما أن الأمر يتعلق بالأمن الغذائي وبمصالح الناس الأساسية..
ثم إنه وحده مسئول عن ارتفاع أسعار السكر والأرز واختفائهما أحيانًا من الأسواق رغم أن ما تنتجه مصر يكفي احتياجاتها المحلية.. كما إن حجم الفساد الهائل الذي ظهر في وزارته وتحدث عنه نواب بالبرلمان يضع على المصيلحى في موقف لا يحسد عليه..
فأين كانت عصا القانون الغليظة قبل أن يستفحل فساد هؤلاء.. ولماذا تلك الزيادة غير المبررة في الأسعار وخصوصا السكر والأرز.. والتي تعطى الضوء الأخضر للتجار لزيادة أسعار سلع أخرى طالما أن الرقابة ضعيفة وطالما أن الحكومة تأخذ زمام المبادرة ليس بخفض أسعار السلع والخدمات بل بزيادتها رسميًا كما فعلت مع أسعار الأرز والسكر وخدمات الاتصالات وكروت الشحن وباقات المحمول؟!
أرجو أن يعيد نواب البرلمان حساباتهم وأن يقوموا باستدعاء واستجواب المسئول الحقيقي عن انفلات سعر الدولار ووتراجع الاقتصاد ككل.. لقدموا لنا إجابات شافية تطمئن الشارع مثل: متى تهدأ الأسعار ويتوقف الغلاء الفاحش.. كيف سنعالج أزمة الديون التي تلتهم كثيرًا من الموارد.. وغيرها من تساؤلات حائرة تبحث عن إجابات شافية!