الصبر جميل جميل الصبر
عندما تغرقنا التفاصيل، تهجم علينا كأمواج إعصارية عالية، فمن الواجب الارتفاع فوق ابراجها السامقة.. للأمواج ابراج يجب اعتلاؤها، لنرى الصورة الكاملة للمشهد ونحن في حال الاحتضار، لنستدعى قدرات التحمل والصد والرد..
للتفاصيل قدرة على الخنق، وبراعة فى الشنق، وما من مواطن الأن، أو انسان الأن الإ وهو فى عين الإعصار، يختبر إنسانيته، بعد أن صار الانسان الطبيعي العادى فريسة للحيوان السياسي العسكرى المسيطر الأن على المشهد الدولى، وداخل كل إقليم..
من حولنا ومن فوق أعلى موجة نرى الدماء تسيل علي الحدود مع الأشقاء في غزة، وفي الجنوب مع الأشقاء في السودان، فصبر جميل، صبر جميل..
ومن داخلنا، نصارع سعار الأسعار من حفنة لصوص تجار وغير تجار، لا تسيل الدماء حاشا لله، وندعو الله أن يحفظ بلدنا ويبدد سخط الساخطين، ويهدئ روعات المظلومين، ويشبع بطون المعذبين بنصف لقمة ونصف غموس!
نحن إذن غرقى، وسط الموج العاتي، فهل نستسلم لليأس، وكلنا يعلم أن الوطن محاصر بالأزمات من فعل الخارج والعملاء من الداخل، ومن فعل سياسات أخطأت، وأصرت على الخطأ..
حبل الصبر
ثمن الغضب هو ما ندفعه حاليا منذ إثني عشر عاما، وكان غضبا مصنوعا، مدبرا، راجع القوم أنفسهم الأن وهم يلطمون الوجوه حسرة على ما كان وهم مشاركون فيه بحسن نية، أو بحماقة وغفلة، ذلك أن من حرضوهم، يعيشون في الرغد، يستدفئون بالدولارات.
ليس آمامنا الإ الصبر، أو نطق فنموت، ليس أمامنا الإ التماسك والتكافل، وكما نزل الناس إلى الشوارع يحمون بيوتهم واعراضهم في الفوضى التخريبية التى نجمت عن مؤامرة يناير، بعد تداعي الشرطة وقتها، فإن علينا الأن وقد نفضت الحكومة يدها عمليا، عن ملاحقة التجار ومعاقبة اللصوص، أن نحنو على بعضنا البعض، وأن نضبط اعصابنا، وأن نخفض الصوت في الجدال، إذ لا أحد يطيق أحدا الأن، وتبدو تفاصيل ثقافة الندرة هي خلاصة المشهد كله..
أنت أنت الانسان، فلا تفقد انسانيتك، وأنت أنت المصرى فلا تفقد مصريتك، وإصطبر، فإن النار تدفئ وإن النار تحرق. فإختر الدفء. لا أدعو إلى الخنوع أو السكوت، بل أدعو إلى تقدير ظروف الوطن، وأدعو إلى الصبر على المحن، لأن البديل لا وطن ولا بلد ولا حياة..
وعلى حكومة هذا البلد أن تراجع على الأرض ما تعلنه عبر الفضائيات.. تعلن عن أسعار غير موجودة.. جمر في الصدور، يحتاج من يطفئه.. فهل من مجيب؟
حتى تصل المطافئ التزموا بحبل الصبر..