رئيس التحرير
عصام كامل

فاض الكيل.. أقسم بالله فاض الكيل!

من المؤكد أن الأجهزة التى ترصد اتجاهات الرأي العام، وما أكثرها، وما أصدقها، تعلم أن الأجواء الحالية، الحالة المعيشية، التربة السياسية، التماسك الاجتماعى، أقرب ما تكون إلى الأوضاع التى سبقت اليوم التعس في الخامس والعشرين من يناير الأسود 2011، بل أزيد وبطمأنينة أن السخط الذي كان لا يقاس بالسخط الذى هو كائن الآن. 

 

كان سخطا سياسيا، له أهداف سياسية، أما السخط المتفشى الجارى فله سبب واحد أوحد تعلمه الدولة، وتعلمه الأجهزة، وهو أن الناس لا تستطيع أن تعيش مستورة وقد التهم الدولار ٦٠% من قيمة الجنيه حتى اللحظة الحالية. 

Advertisements


لقد نزع فشل الحكومة الحالية ورقة الستر عن البيت المصرى، لا أقول عمدا ولا أقول سهوا، فقد تجاوزنا مرحلة التفسير والتبرير، وانتقلنا لمرحلة “أريد حلا”.

 

قبل الخامس والعشرين من يناير الأسود، وللأسف هو مقبل علينا بذكراه القبيحة بعد اسبوع، كتبت وحذرت من الطوفان الوشيك ومن سخط يعم، ومن حالة تثوير تجتاح الإعلام، يقوده متدربون ومنتمون لمدرسة صربيا بإشراف أمريكي! 

 

يومها كتبت مقالا بعنوان “شيء من الدم قبل أن يراق الدم”، وكان ذلك في جريدة الحزب الذى غض الطرف عما كتبناه وحذرنا منه ووقع عاجلا، تماما كما غضت الدولة وقتها الطرف ولم تتخذ مبادرات سياسية تفشل المخطط، رغم أن تقارير الأجهزة الأمنية قبل الخامس والعشرين من يناير الأسود رصدت التحركات ومحاضرات التغيير السلمي في صربيا وعصبة النشطاء.. ونوابهم وممثلوهم في التليفزيون الرسمى.

حكومة عاجزة

 
لماذا الناس ساخطون؟ فتش عن لقمة العيش التى يحتكرها الأن عصابة من لصوص التجار، ومعهم عصابات منظمة داخل وزارات، أبرزهم التموين.. ونقول أن الهجوم الضارى الذى تعرض له الدكتور علي مصيلحي في مجلس النواب، ليس موجها له وحده.

 

بل كل هذه الشراسة التى ظهرت فجأة على الرأي العام، وعلى التليفزيون، والمنصات الاجتماعية، مقصود بها مجموعة الفشلة داخل الحكومة، الذين تلقوا الهزيمة بلا خجل ولا مقاومة من سوق الاحتكارات. 


ومع كل احترامي، للسيد رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى، فإننى أنقل إليه أسئلة الناس، وبالمناسبة لم يعودوا بحاجة إلى الإجابات عنها، فهم لم يعودوا يصدقون ما يقال من تصريحات مطمئنة. 


ألم تعد يا سيدي رئيس الحكومة بحل أزمة الدولار وأنها ستصير من الماضي قريبا؟ وكان قريبا ذاك من شهرين تقريبا؟ الدولار وصل وأنا أكتب هذا المقال إلى 60 جنيها في السوق الفعلية السوداء التى هزمتكم!


ألم تقل يا سيدي الفاضل رئيس الحكومة أن هناك سبعة سلع استراتيجية سوف تخضع للتسعير، وكان ذلك قبل اسبوعين، فاين التسعير والفوضي سيد السوق، كل بقال وكل بياع وكل تاجر عمال وكل عامل خدمات.. كلهم يرفع السعر كل ساعة وكل ليلة وكل يوم؟


ألم تقل يا رئيس الحكومة أن الأجهزة الرقابية ستنزل الأسواق وتضبط البيع والشراء وتتابع؟ يعاندك التجار، ويختبرون صلابة قراراتك، ويحرجونكم أمام الشارع وأمام القيادة السياسية، ويرفعون الأسعار، وبلغ ثمن كيلو الجبنة البيضاء المالحة 200 جنيه! الجبن الأبيض، لا الرومي ولا جودة ولا الشيدر ولا الفلمنك، خلاص نسينا طعمهم!

 

لا الأجهزة نزلت ولا تابعت، لان الوضع كما هو عليه، ويتساءل الناس عن نصيحة رئيس الحكومة إن على المواطن أن يبلغ عن التاجر الذي يرفع السعر؟ يبلغ من بالضبط؟ وهل هناك من يرد ولو حصل رد فمتى يكون الإجراء، بعد أن يكون المواطن اشترى ودفع صاغرا؟
 

لدى التجار قناعة بأنهم أقوى من الدولة، وهم مفتاح السخط والرضا.. عجز حكومى، لصوصية تجار، فساد مسئولين كبار، تفشي الرشاوى.. هل هناك ما يرعب أكثر من هذا خوفا على الوطن، يحدق به الخطر من كل جانب؟

 


يترقب الناس خروج هذه الحكومة، ولابد من عقول جديدة عندها خيال وعلم وحس سياسى.. يترقب الناس أن يغير الرئيس كليا، وأن تأتى حكومة تحنو وتمسح الدموع من عيون البيت المصرى الذى كشف ستره وأهدر حياءه سياسات ترميم وسوء أولويات.. إشباع البيت يسبق أي أولوية أخرى.. فالجوع كافر! وهناك جوع نسبي، فلنحذر.

الجريدة الرسمية