رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا جنوب أفريقيا وليس العرب؟

الخميس والجمعة الماضيان كانا يومين مشهودين في تاريخ الصراع الدامى الاسرائيلي الفلسطيني، فقد قامت دولة جنوب افريقيا بتمثيل الفلسطينيين، ومن باب أوسع العرب المتفرجين، في دعوى قضائية جرجرت فيها إسرائيل لأول مرة أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة.. 

 

يوم الخميس طرح وزير العدل الجنوب افريقي وفريقه البارع من المحامين ملف القضية، به دلائل ومستندات وأدلة مصورة وصوتية ومكتوبة، تثبت صحة الإتهام الموجه للدولة العنصرية اليهودية وهو الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة عمدا ومع سبق الإصرار..

 
كان العرض الإفريقي منطقيا ومرتبا ومنظما وقانونيا بعيدا عن العبارات السياسية والبلاغية، كما أنه احتفظ لنفسه بالغموض القانونى المباح لمباغتة الخصم عند التسويف لاحقا، مع أن أحكام هذه المحكمة نهائية، لكن بوسع إسرائيل أن تماطل..


أما العرض الاسرائيلي فكان سياسيا يكرر نفس الحجة التى مل منها العالم وهي حق الدفاع عن النفس، ثم إتهم الوغد الاسرائيلي مصر بأنها من يعرقل دخول المساعدات بتدفق إلى غزة عبر معبر رفح المصرى!


أرأيتم بجاحة ووقاحة وسفالة أوضح من هذا وأمام خمسة عشر قاضيا، بينهم ثلاثة قضاة عرب من المغرب والصومال ولبنان، يراهم العالم ويتابع علي الهواء ممثل الحكومة الكاذبة؟

لماذا جنوب افريقيا؟


ربما تنتهي المداولات والمراجعات في عشرة ايام أو أكثر قليلا، نظرا للطبيعة المتعجلة للقضية وبخاصة في الشق الذي تدعو فيه جنوب افريقيا إلى إتخاذ تدبير إحترازي طارئ، بوقف إطلاق النار
وهو مارد عليه المحامي الاسرائيلي بأن وقف النار يعني منع إسرائيل من الدفاع عن نفسها.. والعبارة الصحيحة منع اسرائيل من مواصلة قتل الفلسطينيين وسرقة أعضائهم.


بالطبع يلح علينا جميعا سؤال طبيعى منطقى يفرض نفسه بضجة داخلنا: لماذا جنوب افريقيا وليس العرب؟ لماذا جنوب افريقيا ولا دولة عربية نافذة ومؤثرة؟ لماذا غابت دول التطبيع عن رفع القضية؟
 

كما أن السؤال يلح فإن الاجابة واجبة، فأولا جنوب فريقيا ذاقت المر والمرار والأمرين من حكومة الفصل العنصري في بريتوريا أيام إيان سميث، وسجن المناضل الثورى العملاق قديس الوطنية نيلسون مانديلا 27سنة، وكان يدافع عنه محامون من الغرب، وينادون بتحريره، فقد عاش شعب جنوب افريقيا حياة الظلم والتمييز والفصل والقهر على يد حكومة بيضاء عنصرية.. إنهم يشعرون بالآم الشعب الفلسطيني..

 
وثانيا، وكان المفروض أبدأ بها أولا لولا أني ارتأيت تأخير الحرج، نيابة عن الدول العربية، فإن دولة كبيرة مثل مصر تعتبر وسيطا فعالا موثوقا به مؤتمنا من الإطراف كافة، وحتى من الغرب، فلو أقامت الدعوى خرجت من الوساطة وهى لصالح الفلسطينيين بالتأكيد، وصارت خصما، ثم بيننا وبين الملاعين إتفاقية سلام، أما بقية الدول فمنها من طبع، ومنها من يستعد بشرط تحقيق حلم الدولة الفلسطينية.. ولن أزيد حتى لا ننكأ الصديد!


في كل الأحوال يشعر الشعب العربى من المحيط الى الخليج بالعرفان والامتنان لحكومة الرجال في جنوب افريقيا التى سرعان ما تعرضت لهجوم سافل من نتنياهو وصفهم بالمنافقين، وأنظر من يتكلم، إنه كبير كذابي العالم.

 


وسنقول كما وصفت السوشيال ميديا مرافعات فريق جنوب افريقيا برئاسة وزير العدل نفسه: شكرا أحفاد مانديلا العظيم.. 
ونتابع..

الجريدة الرسمية