شيء ما في المطبخ
في جولته الخامسة بالمنطقة، متنقلا من اليونان إلى تركيا إلى قطر والأردن والإمارات والسعودية ثم إسرائيل ورام الله في الضفة الغربية يختتم وزير الخارجية الأمريكي اليهودى زيارته اليوم، الحادي عشر من يناير، والهدف المعلن هو منع توسيع نطاق الحرب، وبخاصة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، والحد من قتل المدنيين الأبرياء في غزة وفي الضفة، أي أن القتل ممكن لكن بلا إسراف!
وأيا ما كان الهدف المعلن نبيلا أو منحطا، فإن تصريحات الوزير تشير إلى أنه جاء هذه المرة إلى المنطقة وفي جعبته صفقة تحت التسوية، وتبدو فيها قطر صاحبة مقترح عرضه بلينكن على نتنياهو وعلى مجلس الحرب، وكانت تصريحات بلينكن تقول إنه جاء إلى إسرائيل حاملا التزامات من القادة العرب، ولم يفصح عن نوعية هذه الالتزامات.
وإن كانت إشارته أنها مساهمات مالية في إعادة الإعمار، إلا أنه من الواضح وجود التزامات سياسية ضمن تسوية سلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وفى هذا السياق لابد من الإشارة إلى تلويح السفير السعودي لدي واشنطن من أن التطبيع مع إسرائيل كان وشيكا، ولا يزال ممكنا لكنه أبدا لن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في العيش الكريم داخل دولة مستقلة.
ويمكن لأى متابع أن يرصد ثمة تغيير في نمط تصريحات نتنياهو، فأمس فقط طمأن نتنياهو الإدارة الإمريكية أنه لا نية لإسرائيل لإحتلال غزة ولا في سياستها تهجير الفلسطينيين، وهذا موقف مناقض تماما لسيول من تصريحات لحكومة الحرب، ومن تصريحاته هو نفسه.
محاكمة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية
ومعنى ذلك أن الخطة المعروضة للتباحث في مرحلتها الأولى ربما وجدت تفهما وقبولا جزئيا، إذ تقترح قطر خروج قادة حماس وانسحاب الجيش الإسرائيلي وإطلاق سراح الرهائن والأسرى على دفعات من الجانبين، وقال مستشار نتنياهو لشبكة CNN إن تهجير الفلسطينيين لم يكن أبدا على الطاولة بشكل جدى وهو ليس مقترحا جديا!
يعني كان مجلس الحرب الاسرائيلي. وتصريحات الوزيرين المسعورين سموتريتش وبن غافير كانت مزاحا؟!
وفيما جاء بلينكن لإنهاء الحرب، حرص البيت الأبيض على التأكيد بأنه يرفض وقف إطلاق النار، وأنه يسعى فقط إلى ما يسميه هدنة إنسانية.
هدنة إنسانية، تسوية سياسية، صفقة تبادل أسرى، خطة إعادة إعمار تدفع فاتورتها الدول العربية وتعفى منها إسرائيل، كل ذلك سبق الخوض فيه، وكل ذلك إعادة تدوير للمواقف، واستساخها، حتى إذا هدأت النار، عادت القضية إلى الثلاجة الامريكية محفوظة تحت درجة تبريد 50 تحت الصفر العربي الإسلامى!
أليس من العار أن تؤازر جيبوتي وأيرلندا وبوليفيا دولة جنوب أفريقيا في دعواها التى جرجرت فيها الدولة اليهودية النازية أمام محكمة العدل الدولية، التى تبدأ المحاكمة اليوم، ولا دولة عربية بارزة لها وجود؟
خناقة أبو مازن في رام الله مع بلينكن لخصت النتيجة المتوقعة، إذ تلاسنا معا، فقال له محمود عباس، أنتم غير قادرين علي إجبار إسرائيل ترد إلينا أموال الضرائب فكيف ستجبرونها علي إقامة دولة فلسطينية؟
منطق قاس وشريف وعاجز معا.. على كل حال، فإن الطبخة الجديدة قديمة و"بايتة"، رغم حرارة النيران في الموقد.. نيران فوتوشوب!
ونتابع..