شهيب.. صحافتنا والسنوات الصعبة (2)
أتفق تمامًا مع ما ذهب إليه الكاتب الصحفي عبد القادر شهيب في كتابه المهم صحافتنا والأيام الصعبة، بأن إصلاح أحوال صحافتنا -وما أحوجها وأحوجنا لهذا الإصلاح- مسئولية مشتركة بين الصحفيين ومؤسسات الدولة معًا؛ ذلك أن الصحافة تأثرت كثيرًا بما شهدت البلاد من أحداث منذ 2011.
ومن ثم فهي في حاجة ماسة وضرورية لإصلاح جاد وحقيقي وفعال لإنقاذها من أزمات تراكمت عليها خلال هذه السنوات؛ فقد تجاوز الأمر مرحلة تناول المسكنات أو مجرد نهج تسيير الأعمال الذي ما هو السائد حتى الآن في التعامل مع أزمات صحافتنا المهنية والمالية.
عبد القادر شهيب رصد أحوال صحافتنا منذ عصر مبارك وحتى الآن؛ وهي سنوات -كما يقول- كانت حافلة بالأحداث الكثيرة، وكان لها تأثير مباشر على صحافتنا التي ضاعف من أزماتها، وإن كان منحها حيوية في بعض الفترات.. فهي تعرضت لحالة من النحر المهنى المستمر الذي لم يتوقف.
وأسهم في إصابتها بالضعف وهبوط المكانة وتراجع النفوذ والتأثير في الرأي العام حتى صارت لا تنال الرضا الشعبي ولا الرضا الرسمي.. حدث ذلك نتيجة عدم التصدي للإصلاح الشامل لصحافتنا والاكتفاء بالمسكنات لمشاكلها وبتسيير أمورها فقط، وتأخير الإصلاح بما يماثل تأخير علاج المريض؛ فهو يفضي دومًا لتفاقم المرض.
إصلاح أحوال الصحافة
أما العلاج الشامل -كما يقول عبد القادر شهيب- فنحن لا نحتاج لاختراعه؛ ذلك أنه موصوف دستوريًا؛ وهو مسئولية مشتركة بين الصحفيين ومؤسسات الدولة؛ فعلى الصحفيين مسئولية الارتقاء بمهاراتهم المهنية والالتزام بالمعايير، وعلى مؤسسات الدولة الالتزام بتوفير تداول المعلومات وحرية الرأي والتعبير والنشر.
أما الإصلاح فهو يعود بالنفع على المجتمع وعلى الصحفيين معًا -كما ذهب شهيب- بل يفيد الوطن كله؛ ولا مجال هنا لما يردده البعض أن الصحافة راحت عليها أو عفا عليها الزمن، وأن زماننا الآن هو زمن مواقع التواصل الاجتماعي؛ فما زالت الصحافة الورقية تلعب دورها في غيرنا من الدول.
وعلى رأسها أمريكا التي تستخدمها كأحد أسلحتها الفاعلة في تنفيذ سياستها لتغيير النظم السياسية في منطقتنا من الخارج لتأتي بنظم على هواها ترضى بهيمنتها وتأتمر بتعليماتها، ونحن هنا في مصر نرى ما تكتبه النيويورك تايمز والواشنطن بوست والفورين بوليسي عنا وعن أحوالنا، وهو يتجاوز التناول الصحفي الناقد وبلغ مرحلة الهجوم الممنهج.
وهذا يحضنا على الإسراع بإنقاذ صحافتنا وإصلاح أحوالها لتستعيد عافيتها ومكانتها التاريخية في منطقتنا حتى تكون أحد أسلحتنا الفاعلة والمؤثرة لحماية أمننا القومي.. والسبيل لتحقيق ذلك واضح ومعروف وموصوف ويعلمه الجميع، وبقى فقط أن نشرع في تنفيذه لأجل صحافة مصرية قوية وفاعلة ومؤثرة.
لكن مثل هذا الإصلاح المهم -كما يقول شهيب- لن يحققه إلا من يؤمنون بأهميته ويعرفون جدواه وضرورته لنا جميعًا؛ صحفيين وقراء وإدارة.. فهل تجد دعوة عبدالقادر شهيب استجابة سريعة تنقذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.. نتمنى؟!