الإسكندراني عناصر الجذب الجماهيري في خلطة خالد يوسف؟!
لا شك أن اسم الكاتب الراحل العظيم أسامة أنور عكاشة على أي عمل فني يعني شهادة أكيدة وقوية على الجودة والتميز والنجاح الكبير، وهو ما تعكسه كل أعماله التي حصدت نجاحات غير مسبوقة جعلته أهم مؤلفي الدراما العربية عبر التاريخ، أمثال.. الراية البيضاء، رحلة السيد أبو العلا البشري، ضمير أبلة حكمت، ليالي الحلمية، زيزينيا، هذا بالإضافة إلى بعض الأفلام السينمائية القليلة مثل.. كتيبة الإعدام، الهجامة، دماء على الأسفلت.
وأخيرًا الإسكندراني الذي أقيم له عرض خاص مؤخرًا بأحد المولات بمدينة 6 أكتوبر، حضره نجوم وصناع الفيلم.. المخرج خالد يوسف والفنانون أحمد العوضي، زينة، محمد رضوان، عصام السقا، محمود حافظ والوجه الجديد تسنيم مطر ونسرين أسامة أنور عكاشة، بجانب بعض الفنانين.. نبيلة عبيد، فردوس عبد الحميد، محمود قابيل، أحمد شاكر والمخرج الكبير محمد فاضل، كذلك حضر بعض الوزراء والمسؤولين السابقين بالإضافة إلى عدد كبير من النقاد والصحفيين ومراسلي المحطات الفضائية.
الهوية والأصالة في مواجهة طغيان المادة
فيلم الإسكندراني كتب له القصة والسيناريو والحوار الراحل أسامة أنور عكاشة في نحو 200 صفحة في السبعينيات وهو ليس رواية أدبية كما يعتقد الكثيرون، وكان من أحلامه أن يرى النور، ورشح له في البداية العالمي عمر الشريف ثم القدير يحيى الفخراني، وبعد ذلك تم ترشيح الراحلين الكبيرين أحمد زكي ونور الشريف وكان سيخرجه الرائع عاطف الطيب.
ويكشف المخرج حسني صالح عن أنه قام بالفعل بتصوير أسبوع من الفيلم بطولة نور الشريف عام 2009 ولكن لم يكتمل لانشغال الشريف بأعمال أخرى، إلى أن اشترى المخرج خالد يوسف السيناريو من ورثة أسامة أنور عكاشة، وقام بتكثيفه واختصار مشاهده وإضفاء الطابع العصري عليه لتدور أحداثه في زماننا الحالي، ولكن مع المحافظة على روح السيناريو الأصلي الذي يناقش هوية وشخصية وأصالة الإسكندراني في مواجهة سطوة وتغول المادة في حياتنا جميعًا.
وفي حياة طائفة من أهل الإسكندرية بحي الأنفوشي الشعبي العريق، من خلال الشخصية المحورية الحاج علي الإسكندراني صاحب وكالة متخصصة في صيد وبيع الأسماك، والذي يمثل شهامة وجدعنة وأصالة وأخلاق أهل الإسكندرية الحقيقيين.
وصراعه مع ابنه الوحيد بكر الذي طرده منذ 10 سنوات لعدم التزامه بالعمل معه في الوكالة، واستيلائه على مبلغ كبير من المال دون علمه، ما يدفعه للسفر إلى إيطاليا حيث عمل بالملاكمة والفنون القتالية وتهريب الألماس التي هرب بكمية كبيرة منها، كانت حصيلة معركة شرسة بين عصابتي تهريب دوليتين متصارعتين، قبل أن يعود إلى الإسكندرية لينتقم من كل الذين ظلموه وغدروا به، وأولهم ابن عمه يونس الذي أخفى خطاباته واتصالاته التليفونية عن أبيه وخطيبته قمر ثم تزوجها وأنجب منها طفلًا 'علي ' ويدخل في صراعات عديدة مع أبيه الذي يرفض بشدة سلوكياته ومنهجه في شراء كل من حوله وإخضاعهم لسيطرته، حتى أنه يقول له في حوار بينهما: أوعى تكون اشتريت المرسي أبو العباس كمان؟! وتتصاعد الأحداث والصراعات بشدة حتى نهايتها المؤلمة والمحتومة.
ما هذا البيومي؟
الحقيقة أرى بوضوح أن الفنان بيومي فؤاد جسد دور عمره حتى الآن في شخصية علي الإسكندراني بعيدًا عن اللون الكوميدي الذي حصر نفسه وظلمها فيه لسنوات رغم تميزه فيه أيضًا، فبرع وتألق بشدة في تلك الشخصية الثرية التي هي عصب الفيلم وأعطى دروسًا في فن التمثيل بطريقة السهل الممتنع ويحسب للمخرج خالد يوسف اختياره لهذا الدور وتوظيفه له بهذا الشكل الرائع.
أحمد العوضي - بكر الإسكندراني في أول بطولاته السينمائية بذل مجهودًا خرافيًا خاصةً في مشاهد الأكشن والملاكمة وأظهر قدرات كبيرة في هذا المجال ستضعه في الصفوف الأولى في مثل هذه النوعية المفتقدة بشدة حاليًا، وعلى مستوى التمثيل كان مقبولًا بدرجةٍ ما ولا يزال أمامه الكثير.
زينة أو قمر حبيبة بكر اجتهدت وحاولت ولكن الشخصية صعبة وبها مشاهد تمثيل قوية ومتباينة الانفعالات.
محمود حجازي أحد المجيدين في الفيلم في دور يونس ابن عم بكر وغريمه الذي استولى على مكانته عند أبيه وفاز بحبيبته. تميز الفيلم في تقديم صورة بصرية جميلة بعدسة مدير التصوير الفنان الدكتور سامح سليم، ووضح ذلك في مشاهد البحر والإسكندرية ومشاهد الملاكمة والأكشن التي جاءت قوية وجيدة باستثناء بعض مشاهد إطلاق النار التي تم تصويرها في مصر دون مثيلاتها المصورة بإيطاليا.
الأغاني كانت موفقة ومعبرة عن الأحداث لمحمد شاهين وعبد الباسط حمودة، أشعار جمال بخيت ورامي جمال وألحان عصام كاريكا المتميز في اللون الشعبي، وكذلك الموسيقى التصويرية ليحيى الموجي والديكور لأحمد عباس وملابس مونيا فتح الباب ومونتاج عمرو عاكف.
أما الإخراج فقد وضح المجهود الهائل الذي بذله المخرج المختلف الذي يبحث عن الصعب دائمًا خالد يوسف في كل أعماله، الذي يشرف بنفسه على كل كبيرة وصغيرة فيها، وظهر حسن اختياراته لنجوم عمله وقدرته الواضحة على قيادتهم وإخراج أفضل ما لديهم وإن كان لي تحفظات على بعض هذه الاختيارات مثل دور زكي صديق بكر ورفيق مشواره الذي لعبه عصام السقا ودور إيلينا اليونانية المصرية الذي جسدته الصاعدة تسنيم مطر.
وأخيرًا وليس أخرًا.. الإسكندراني خلطة سينمائية شعبية محبوكة تحمل عناصر الجذب الجماهيري وقد حقق بالفعل ما يقرب من 3 ملايين جنيه في أول يومين عرض.