هل تتسابق شركات الاتصالات على جيب المواطن؟!
عجيب أمر شركات الاتصالات عندنا.. فبينما تتراجع أسعار الاتصالات والإنترنت عالميًا وتزداد جودتها يحدث العكس تمامًا عندنا؛ ذلك أنه مع مطلع العام الجديد جرى الإعلان عن زيادة أسعار باقات الإنترنت وكروت الشحن بالتزامن مع رفع أسعار المواصلات العامة.. ولا أدرى على أى أساس جرى تقدير الموقف وما بواعث هذه الزيادة، فهل جرى تحسين الخدمة بنفس الدرجة التي نراها في دول العالم المتقدم!
في العالم كله تتنافس شركات الاتصالات على تقديم أعلى مستوى من خدمة الاتصالات، سواء الأرضى أو المحمول أو الإنترنت، بحسبان هذا اللون من الخدمات مقومًا وربما حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان؛ فالحق في المعرفة يساوى في رأيي الحق في الخبز؛ فلم يعد ممكنًا أن يستغنى عنهما إنسان القرن الحادي والعشرين.
فكيف نتحدث عن التحول الرقمي الحكومي في المصالح والجهات المختلفة بحسبانها ركيزة الجمهورية الجديدة ثم يفاجأ المواطن برفع أسعار الإنترنت على هذا النحو المفاجئ دون مقدمات؟! بالتزامن مع زيادة أسعار سلع وخدمات أخرى.
وهل من المعقول أن تتوافق إرادة كل شركات الاتصالات على زيادة أسعارها بنفس المقدار؛ فأين حرية المنافسة هنا وأين حقوق المستهلك.. وكيف ننتظر من تلك الشركات أن تتنافس فيما بينها لإرضاء المستهلك بينما هي بالفعل ضمنت عائد الخدمة دون أدنى جهد يُذكر.
دور الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات
ثم أين جهاز حماية المستهلك مما يجرى.. وأين الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات من تحقيق العدالة.. خصوصًا أنه لم يكد يمضى وقت يذكر عن قيام إحدى شركات الاتصالات بالاعتذار عن قطع الإنترنت ومبادرتها -في سابقة غير مألوفة عندنا- لتعويض المستخدمين عن هذا الانقطاع بمنحهم 10 جيجا يجري استخدامها على مدار 3 أيام.
البعض يرجع زيادة أسعار بعض السلع والخدمات لرغبة الحكومة لتعويض العجز في الموازنة، وبعضهم يرجع زيادة أسعار الإنترنت إلى ارتفاع تكلفة تقديم خدمة الإنترنت نتيجة ارتفاع سعر الدولار، تجنبا لتوقف الشركة أو تحقيقها خسائر.
وأيًا كان السبب كنا نرجو لو خرجت تلك الشركات ببيان للناس تفسر فيه حيثيات هذه الزيادة لتهيئة الرأي العام لقبولها، حتى لا تتركه فريسة لمن يحاول تسميم أفكارهم وتوسيع الفجوة بينهم وبين الحكومة.
وفي تقرير صدر عن الاتحاد الدولي للاتصالات من عدة أشهر، أكد أن مصر جاءت في المركز 48 عالميًا من ناحية أسعار باقات الإنترنت والمكالمات كثيفة الاستهلاك، كما أن باقات الإنترنت ومكالمات المحمول في مصر أكثر كلفة، مقارنة بالدول العربية الثرية، عند قياسها طبقا لنصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي.
ووفقًا لنشرة "إنتربرايز" فإن أسعار الإنترنت الثابت في مصر مرتفعة نسبيا، فيما كانت باقات المكالمات الصوتية الأقل كلفة على المواطن ضمن الخدمات الأخرى.. نرجو أن يخرج قومي الاتصالات ببيان يوضح حقيقة الزيادة ومدى عدالتها أو يراجع شركات الاتصالات في شأن تلك الزيادة.. فهل يفعلها الجهاز!