دهلك تفضح الحوثيين
لا تتورع جماعة الحوثي عن التشدق ليل نهار، بإطلاق الطائرات الإيرانية المسيرة على أهداف في إسرائيل، بزعم الرد على قصف قطاع غزة المتواصل منذ 7 أكتوبر الماضي. ودائما، ما يطلق المتحدث باسم الحوثي تصريحاته: سنواصل استهداف إسرائيل بالصواريخ والمسيّرات حتى يتوقف الهجوم الإسرائيلي على غزة.
إيران تقوم بدعم الحوثيين، وتزويدهم بالمعلومات، وتشجيعهم على استهداف السفن والبواخر المارة بالبحر الأحمر.
أكبر قاعدة استخباراتية إيرانية
وقد كشفت صحيفة المنتصف اليمنية، التي يرأس تحريرها الصديق الدكتور نزار الخالد، أن ثمَّة سفينةً إيرانية تقبع، منذ أكثر من عامين، قبالة ميناء الحديدة باليمن، حيث تبين أن بها أكبر قاعدة استخباراتية إيرانية، تعمل على تزويد الحوثيين بالمعلومات الخاصة بالسفن في الممر الملاحي للبحر الأحمر، لاستهدافها.
ولكي نتيقن أن تحركات الحوثيين ليست لوجه الله، ولا الوطن، علينا أن نعرف أن هناك جزيرة تتبع إريتريا، وقد أقامت إسرائيل فوقها أكبر قاعدةٍ عسكريةٍ بحريةٍ خارجَ حدودِ دولة الاحتلال.
الجزيرة اسمها دهلك، وهي جغرافيًّا، مقابلة لشواطئ اليمن، وبديهيٌّ أنها تمثل هدفًا أسهل كثيرًا فى إصابته من إيلات!
جزر أرخبيل دهلك، يزيد عددها على مئة جزيرة، وتبلغ مساحتها 700 كم، وتبعد عن الساحل مسافة 43 كم، غير بعيدة عن سواحل بلاد الطراز الإسلامي، أو بلاد الزيلع.. اشتهرت خلال العصر الوسيط باسم إمارة دهلك الإسلامية، أو سلطنة دهلك، لأن حكامها وما يتبعها من الجزر كانوا يحملون لقب السلطان، أو سلطان دهلك.
هجرة المسلمين إلى الحبشة
وارتبطت جزيرة دهلك بالعديد من الهجرات العربية والإسلامية القادمة من جزيرة العرب إلى ساحل شرق إفريقيا عبر البحر الأحمر، وذلك منذ القرونِ الأولى للدعوة الإسلامية، بل إن أرخبيل دهلك ارتبط بالهجرة الأولى التي قام بها المسلمون إلى بلاد الحبشة بناء على أمر من سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، بسبب اضطهاد المشركين لهم، بعد أن أمر بإعلان دعوته.
وأغلب الظن أن المسلمين الأوائل، وتحديدًا الصحابة، رضي الله عنهم، توقفوا بجزيرة دهلك خلال عبورهم إلى سواحل البحر الأحمر وهم في الطريق إلى بلاد الحبشة.
كما ارتبطت إمارة دهلك الإسلامية بحكام وسلاطين مصر، لا سيما خلال عصر المماليك. وعلى ساحلها عدد كبير من المراسي للسفن التي تتجه من وإلى ميناء مصوع اليمني..
وتضم جزيرة دهلك عدة قرى؛ منها دهلك الكبير، كوباني، دبليو، سلات، دروبوشات، مملا. ونظرًا لموقع الجزيرة الاستراتيجي القريب من مضيق باب المندب، ومن خطوط الملاحة الرئيسية في البحر الأحمر، فقد حاولت القوى العالمية الكبرى التمركز فيها وإنشاء قواعد عسكرية، خاصة أن في الجزيرة مطارًا ومهبطًا للطائرات العمودية، وأرصفة عائمة، ومحطات للاتصالات، ومنارات للسفن، إلى جانب ثروات اقتصادية؛ كالزراعة ومصايد السمك واللؤلؤ.
قاعدة إسرائيلية في دهلك
ومنذ سنوات، أقامت إسرائيل في جزر دهلك أكبر قاعدة بحرية لها خارج حدودها، وذلك بموجب اتفاقية بينها وبين إريتريا، وقد استخدمت إريتريا زوارق حربية إسرائيلية ودعمًا لوجيستيا كبيرًا من تلك القاعدة البحرية أثناء احتلالها لجزيرة حنيش اليمنية عام 1996.
وتتخذ إسرائيل من الجزيرة مركزًا لها للرصد في البحر الأحمر لمراقبة الدول المطلة على جنوب البحر الأحمر، وحركة ناقلات النفط، كما أنها تعد أيضًا محطة لتشغيل الغواصات الإسرائيلية المزودة بالصواريخ النووية، التي تقوم بمراقبة حركة الملاحة عند مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر.
وكانت روسيا تتخذ الجزيرة قبل ذلك كقاعدة للسيطرة على البحر الأحمر قبل خروجها منها في بداية التسعينات من القرن الماضي.
باختصار؛ جزيرة دهلك المتاخمة لمواقع سيطرة الحوثيين، تفضح أكاذيب تلك الجماعة، التي أقامت تعاون مع الإخوان، أسفر عن تدمير اليمن، وتشريد أهله.
فلو كان الحوثيين يستهدفون فعلا إلحاق الأذى بإسرائيل لقصفت دهلك، لكن ذلك لن يحقق الشو الإعلامي الذي سيحدثه إطلاق الصواريخ والمسيرات نحو إيلات وبعض المواقع الإسرائيلية، ومعظمها يسقط في البحر، أو يتم إسقاطه فلا تتكبد إسرائيل خسائر تذكر.
ومن نافلة القول، إن الولايات المتحدة لا تريد للصراع في اليمن أن ينتهي، ولا لفكرة السلام أن يقترب منها أحد.. فهي من جانب ترغب في استمرار ابتزاز دول الخليج، ومن جانب آخر لا تخسر شيئا من تعرض السفن إلى الهجمات الحوثية، بل تستفيد من ارتفاع البورصة التأمينية، وزيادة التعويضات التي تدفعها شركات التأمين للسفن المتضررة.
مصر بخير، وقناتنا بخير
وبينما يجرجر عام 2023، ثيابه، ويرخي سدوله، إيذانًا بالرحيل، بعد خيبات وإحباطات عديدة، نتمنى أن يحل عام 2024، بالسلام على أرض اليمن السعيد.
ومن الأخبار المفرحة، خلال الساعات القليلة الماضية، أن شركتي شحن أخطرتا هيئة قناة السويس بالعودة إلى الممر الملاحي، فقد أرسلت شركتا إيفرجرين التايوانية، وسي إم إيه سي جي إم الفرنسية، إخطارات لقناة السويس، وشركات لوجستية بعودتهما للملاحة في البحر الأحمر، والممر الملاحي خلال الأيام المقبلة.
مصر بخير، وقناتنا بخير.. رغم أنف الشانئين.