رؤساء أجهزة المدن الجديدة.. من يستحق جائزة الأفضل؟!
يعجبني المسئول الميدانى الذي يعرف واجباته ومقتضيات وظيفته ويتسع صدره لشكاوى الجمهور ومتاعب الناس؛ خصوصًا إذا تعلق الأمر بالوزارات الخدمية.. وهذا لا يمنع أن الوزير السياسي مقدم على التكنوقراطي..
وإذا جمع المسئول بين الحس السياسي الذي يدرك أن أي موظف هو خادم للشعب وليس سيدًا عليه واستحضر كل ملكاته وقواه وجهده لإرضاء هذا الشعب الذي يملك وحده تقييم أداء أي مسئول وفقًا لما ينجزه في موقعه، وما يحققه من نجاح في رفع منسوب الرضا لدى المواطنين الذي هم غاية كل الحكومات في الدنيا.
وفي المقابل إذا شعر المسئول أو الموظف أنه بمأمن من الحساب وشعر بالاستغناء عن رضا الناس واكتفى بتحقيق أعلى درجات الرضا عند رؤسائه واستغنى به عن كل ما سواه من مقومات النجاح.. هنا تقع الفجوة..
فإذا اجتمعت تلك الآفة مع آفة أخرى وهي الإبقاء على الموظف العام في موقعه لفترة طويلة هنا تطفو أمراض البيروقراطية والشيخوخة على الجهاز الإداري ويتراجع الأداء وينتكس الإنجاز.
الإبقاء على رؤساء أجهزة المدن الجديدة في مواقعهم لفترات طويلة، لا يفيد هذه المدن ولا يحفز هؤلاء المسئولين على تطوير أدائهم، ولهذا فإن تغيير هؤلاء الموظفين بصفة منتظمة كما يحدث مثلا في الشرطة والنيابة يدفع لتجديد الدماء وتجديد الحيوية في تلك المواقع المهمة التي مبتداها ومنهاها خدمة المواطنين، كما يمنع مثل هذا التغيير الواعي والرشيد تكوين مراكز القوى وشبكات الفساد وتضارب أو صراع المصالح.
المدير مثلا إذا احتفظ بمنصبه لفترة طويلة تتجمد أفكاره ويبرد تفاعله مع الناس ويتراجع أداؤه حتى نجده وقد بلغ به التعالى أن يتوقف حتى عن الرد على التليفون، أو الخروج لمواقع العمل ومخالطة الناس أينما كانوا.
لا أتصور مثلًا أن أداء مسئول مثل عبدالرءوف الغيطي الذي تولى رئاسة جهاز الشروق ثم العبور وحاليًا القاهرة الجديدة، ظل على وتيرة واحدة بل لوحظ أنه يتراجع شيئًا فشيئًا، كما تراجع اهتمامه بمشاكل وهموم الناس بصورة ملحوظة..
المفارقة أنه لا يكاد يمر يومٌ دون أن تجد له تغريدة أو منشورًا على وسائل التواصل الاجتماعي يقطر حكمة وبلاغة وحديثًا عذبًا مؤثرًا عن الإنسانية والصداقة والمحبة بينما لا يطبق في الواقع كمسئول على رأس جهاز لمدينة مهمة هذه المباديء وتلك الأفكار المبدعة..
نماذج إيجابية
الأفعال غير الأقول وبينهما فارق كبير.. لذلك كان التغيير ضروريًا.. وحسنًا فعل وزير الإسكان المهندس عاصم الجزار حين قرر اختيار المهندس أحمد مكي نائبًا لرئيس جهاز الشروق؛ فالرجل لا يتوانى عن التجاوب مع شكاوى الجمهور من سكان المدينة، باذلًا ما يستطيع من جهد لحل مشاكلهم وإدخال الرضا إلى نفوسهم، ولا يكتفى بتذليل المعوقات في نطاق اختصاصه فقط بل يحاول حل أي مشكلة ولو في غير نطاق اختصاصه ومسئولياته.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، وإحقاقًا للحق فإن المهندس وليد عباس مساعد وزير الإسكان والمشرف على مكتبه نموذج للمسئول الإيجابي الذي يسارع بالاستجابة لشكاوى الناس، فيبادر بحلها وكفاءة واقتدار والأهم أنه يفعل ذلك برغبة حقيقية في إدخال السعادة والرضا في قلوب المتعاملين مع الوزارة القاصدين لمكتب الوزير.
هذه هي النماذج التي ترفع منسوب الرضا عن أداء الحكومة لدى المواطن البوصلة الحقيقية لأي نجاح.. ويبقى أن تغيير الموظفين المسئولين عن مواقع قيادية سواء في أجهزة المدن أو الوزارات والمحافظات ضمانة مهمة لتجديد الدماء وإبداع حلول من خارج الصندوق ويدفع أي مسئول لبذل أقصى الجهد لإراحة الناس لإثبات وجوده..
ونرجو لو أن وزارة الإسكان تبادر بتخصيص مكافأة مالية كبيرة جائزة لأحسن أداء بين رؤساء أجهزة المدن الجديدة وأن يتم تعميم هذه الفكرة على بقية الجهاز الإداري واستبعاد كل مقصر ومتقاعس ومتسبب في سخط الجمهور حتى نضمن رفع منسوب الرضا عن أداء الحكومة في كل موقع.. فهل تفعلها وزارة الإسكان؟!