الفن وسنينه
حلا شيحة بين خطأ التحريم وخطيئة العودة!
لا شك أن الذكاء الفني والاجتماعي مهمان جدًا للفنان في كل وقت وحين، الأول يمكنه من حسن اختيار أدواره بما يحقق له النجاح والتألق، أما الآخر فيكسبه كل يوم أرضًا جديدة وحبًا متزايدًا لدى زملائه في الوسط الفني ولدى جمهوره، وإذا افتقد الفنان هذين النوعين أو قل رصيده منهما فبالتأكيد فإن مسيرته واستمراريته ومنحنى نجاحه في خطر دائم!
ولعل الأمثلة على الفنانين الذين يتمتعون بهذين النوعين قليلة مقارنةً بالذين يفتقدونهما، وهم الذين لا يحظون في الغالب بصنع التاريخ والذكرى الطيبة الخالدة، فما بالك لو كان من بين هؤلاء من هو محدود الموهبة أيضًا بل ومتردد ومتخبط في قراراته وموافقه وتصريحاته؟
وأبرز مثال على هذه النوعية حلا شيحة التي أثارت ومازالت الجدل على مدار مشوارها بين ارتداء الحجاب والاعتزال لسنوات طويلة والعودة ثم تحريم الفن فالاعتزال مرة أخرى، فخلع الحجاب ثم الاعتذار لجموع الفنانين وإعلان العودة للفن من جديد، والتي قد يعقبها ابتعاد مرة أخرى وهكذا عاجلًا أو أجلًا!
الحب قبل الفن دائمًا
عرفت من كثب شديد الفنانة حلا شيحة منذ بداياتها الأولى وهي مازالت طالبة بمعهد الفنون المسرحية في المسلسل الذي فتح لها أبواب الشهرة، الرجل الآخر، مع العظيم نور الشريف عام 1999، لتنطلق بعده إلى البطولات السينمائية في ليه خليتني أحبك مع كريم عبد العزيز وإخراج ساندرا نشأت..
ثم السلم والثعبان مع هاني سلامة وإخراج طارق العريان، ف سحر العيون مع عامر منيب، ف اللمبي مع محمد سعد، ثم عريس من جهة أمنية مع الزعيم عادل إمام، ومرورًا بغاوي حب مع محمد فؤاد، فمسلسل راجعلك يا إسكندرية أمام خالد النبوي، حتى أخر أعمالها قبل قرارها بارتداء الحجاب فيلم أريد خلعًا مع أشرف عبد الباقي، ف كامل الأوصاف مع عامر منيب عام 2006 والذي بعده أعلنت اعتزالها الفن والزواج من المطرب والممثل هاني عادل.
والحقيقة أنني من خلال قربي منها في تلك الفترة، وجدتها إنسانة بسيطة طيبة جدًا وعفوية ورومانسية إلى أبعد الحدود، كانت وأظنها مازالت تبحث عن الحب الحقيقي وتتوق إليه بكل جوارحها، وهو ما دفعها إلى اتخاذ قرارات خاطئة في أغلبها في علاقاتها بالجنس الآخر، حتى قبل زواجها المفاجئ من هاني عادل واعتزالها الفن وارتدائها الحجاب ثم النقاب!
قبل أن تنفصل عنه قبل الزفاف ثم تفاجئ الجميع بما فيهم أسرتها بالزواج من شاب كندي مسلم والانتقال معه إلى الإسكندرية، وإنجاب ٤ أبناء والابتعاد عن الفن لما يقرب من ١٣ عامًا كاملًا!.ثم تخلع الحجاب وتعود عام 2019 بمسلسل الزلزال مع محمد رمضان، ثم خيانة عهد مع يسرا..
ثم فيلم مش أنا أمام تامر حسني عام 2021 والذي رفضت عمل الدوبلاج والأفيش الخاص به، بعد إعلانها اعتزال الفن مرة أخرى، بل وتحريمه وهو ما سبب لمنتج الفيلم تامر حسني خسائر شديدة، وعرضها لانتقادات عديدة من الوسط الفني والإعلامي ودفع نقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي إلى شطب عضويتها بالنقابة.
وهنا توقعنا أن قصتها المثيرة للجدل قد انتهت خاصةً بعد ارتدائها الحجاب من جديد، والزواج من الداعية معز مسعود، ولكن هيهات فما لبثت أن عادت لاستكمال فصول قصتها التي لم يسدل الستار عليها بعد، حيث أخدت تضع صورًا لها على انستجرام بدون الحجاب وتغازل الفن والفنانين، ثم تنشر اعتذارًا عما تداول عن تحريمها الفن واعتذارًا آخر لنقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي، الذي اعتبرته الداعم الأول لكل الفنانين..
واعتبرت السنوات الأربع الأخيرة منذ 2019 هي الأصعب في حياتها،. ثم قامت بلقاء الدكتور أشرف زكي بالنقابة، وكررت اعتذارها له ولجميع الفنانين عما تداولته وسائل الإعلام بطريقة خاطئة -على حد تعبيرها- مؤكدة أنها تكن الاحترام لكل فناني مصر، وهو ما أثبت صحة التكهنات بعودتها للتمثيل من جديد، وتم ترشيحها بالفعل لمسلسل حق عرب مع أحمد العوضي قبل أن تفصح هي عن تعاقدها على مسلسل إمبراطورية ميم مع خالد النبوي وإخراج محمد سلامة لرمضان المقبل.
محدودة الموهبة ومترددة
من كثرة ما تعود الوسط الفني والإعلامي والجمهور على اعتزال حلا شيحة وعودتها، لم يعد يبدي اهتماما بأخبارها كما كان من قبل، ومن ثم عندما أعلنت عن عودتها لم تلق تلك العودة صدى أو ترحيبًا إلا القليل جدًا، بل على العكس هاجمها بعض النقاد والإعلاميين واعتبروا ما فعلته بمثابة العرض المستمر الذي يتسم بعدم المسؤولية والتخبط..
الناقد طارق الشناوي رأى أن حلا شيحة شخصية متناقضة ومترددة مثل مجتمعنا، وعليها أن تحسم أمرها في نظرتها للفن وتؤكد على أهميته بالنسبة لها.
والناقدة ماجدة خير الله أشارت إلى أن حلا شيحة محدودة الموهبة وتهين الفن وتأخذ فرص كثيرة على حساب آخرين أكثر موهبة، ومن ثم يجب عدم إعطائها أكثر مما تستحق من الاهتمام.
أما الإعلامية مفيدة شيحة وجهت رسالة لحلا شيحة بأن الفن مش لعبة تتركه وتعود له كيفما تشاء أكثر من مرة، فتفقد بذلك ثقة الجمهور والوسط الفني..
وأخيرًا وليس آخرًا فإنني أرى أن مسلسل حلا شيحة ذا العرض المستمر من 2006 قد أخذ أكثر من حقه بكثير من جدل وتصريحات وتكهنات واعتذارات، ومن ثم يجب وقفه فورًا خاصةً في ظل الظروف والأوضاع الراهنة الصعبة التي نعيشها من حرب إبادة ضد أهل غزة وأزمات اقتصادية طاحنة تكاد تقضي على الأخضر واليابس، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.