خسائر أمريكا في غزة
قد تدرك أمريكا قبل غيرها أن حرب السابع من أكتوبر انتهت بانتصار ساحق للمقاومة الفلسطينية، وأن ما يجرى ليس سوى تدمير للبشر والحجر وكل مقومات الحياة، وأن هذا التدمير لا يصنع نصرا ولا يحمي محتلا ولا يقدم سوى صورة لممارسات تأبى الحيوانات أن ترتكبها.
ويعرف الأمريكان قبل غيرهم أن الوطن الذي صنعوه للكيان المحتل لم يعد سوى إله من العجوة، صنعوه وعبدوه وأكلناه يوم السابع من أكتوبر العظيم، ويعرف الأمريكان كما يعرف غيرهم أن بداية النهاية قد حانت، وأن هذا الكيان ليس إلا وهما ولم يعد حقيقة، وأن كل صبي فلسطيني وكل طفل عربي يدرك أن النصر آت لاريب فيه، وأن الألة الأمريكية لا يمكن لها أن تحمي غاصبا ومحتلا طوال الوقت.
وما لا يعرفه الأمريكان أن حصتهم من الكراهية قد زادت حتى طافت وأغرقت كل ما حولها وأن الحقد والبغض والغضب أصبحت مترادفات لوجوده بالمنطقة، وأن الأمريكي الذي قدم نفسه وسيطا قد سقط في الامتحان، وأن بلاده أصبحت تحظى بالنصيب الأكبر من الكراهية.
وما لا يعرفه الأمريكان أن ما فعلوه باستقدام أساطيلهم وحاملات طائراتهم وإمدادهم للكيان المحتل بصنوف الأسلحة الفتاكة زادت من رقعة التطرف، ومنحت التشدد شرعية لم يكن يحلم بها، فما من مواطن عربي إلا وتحول أمام آلة قتل الأطفال في غزة إلى قنبلة موقوتة.
صناع الكراهية
لم يعد من المنطقي أن تقنع مواطنا عربيا طبيعيا أن يتعايش مع هذه المشاهد التي حركت الرأي العام العالمي الذي كان يساند بالغش والخداع الإعلامي هذا الكيان، وكان يتصور أنه واحة الديمقراطية في المنطقة، فاكتشفوا أنه آلة لارتكاب المجازر والمذابح ضد الأبرياء.
ولم يعد من العقل أن تطالب مواطنا عربيا بأن يقبل فكرة وجود إسرائيل من الأصل، وأن من وقعوا معه اتفاقيات تطبيع تراجعوا وتقهقروا أمام غضب شعوبهم، ولم يعد أيضا من المنطقى أن تقنع عربيا واحدا ولا إنسانا حرا في أي مكان في العالم بأن أمريكا لديها تمثال للحرية.
أمريكا في حرب غزة هي قاتل محترف ومرتكب جرائم عتيد، وصورة مشوهة لحضارة قامت على أشلاء أكثر من خمسة آلاف طفل فلسطيني، قتلتهم قنابل أمريكا ومدافعها وصواريخها ودفع ثمن كل هذا القتل والتدمير مواطن أمريكي بريء من ضرائبه.
حتى دعاة السلام من اليهود رفعوا لافتات "ليس باسمنا" رفضا لعمليات قتل الأبرياء التي تحظى بحماية أمريكية وإنجليزية بالدرجة الأولى، مع دعم أوروبي بدأ يتراجع على وقع المجازر التي نقلتها كاميرات الهواتف المحمولة والتى هزمت آلة الإعلام الصهيونية.
على أمريكا وأذنابها في أوروبا أن يدركوا أنهم صناع الكراهية والتطرف والعنف، وأن ما خسروه في حرب غزة أكبر بكثير مما يتصورون، والأيام قادمة وسيتألمون كما يتألم أهلنا في غزة.