ليلة اتهام الطنطاوي
لم أفهم ولم يفهم غيري المغزى من اتهام النائب السابق أحمد الطنطاوي وأفراد حملته في قضية التوكيلات، ولم أفهم التهمة الموجهة إليه، ولا أعرف حتى تاريخه من يقف وراء البلاغ المقدم ضده، إذا كانت هناك تهمة مخالفة القانون أو الدستور أو ارتكاب جريمة تستلزم القبض عليه ومعه مجموعة من حملته الانتخابية.
وحتى تاريخه لم نقرأ نصًّا للتحقيقات مع الطنطاوي، أو مع غيره من أعضاء حملته، ولم تتحْ لنا فرصة الالتقاء بمحاميه، للوقوف على أسباب اتهامه، وما نعرفه ويعرفه القاصي والداني أن الطنطاوي أعلن نفسه مرشحًا محتملًا، ولم ينجح في الوصول إلى قائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية الحالية، بسبب عدم حصوله على العدد المطلوب من توكيلات المواطنين، أو أعضاء مجلس النواب، وبذلك خرج من السباق.
وقال الطنطاوي -وكما أعلنت حملته في فيديوهات مصورة من أمام مكاتب الشهر العقاري- إن هناك تعنتًا واضحًا لمنع أنصاره من الحصول على فرصة الوصول إلى اتخاذ الإجراءات القانونية لعمل تلك التوكيلات، ولم نرَ حتى تاريخه تحقيقًا جرى مع المسؤولين عن الشهر العقاري في مصر.
والتساؤل المهم هل أحمد الطنطاوي يمثل خطرًا على الأمن القومي المصري بتحركاته في الشارع السياسي، وهل اتهامه يخدم النظام، وهل يجوز اتهام الرجل بمثل هذه التهمة، لأنه ظهر وجهًا معارضًا للنظام على مدار سنوات ماضية ليست بالقليلة؟
أرى مثل كثيرين غيري أن اتهام أحمد الطنطاوي لا يرسخ لفكرة دولة القانون، ولا يخدم النظام من قريب أو بعيد، وأن قصة اتهامه تعني أننا نقدم وجبة شهية للغير لينالوا من دولة القانون، وينالوا من فكرة الجمهورية الجديدة، إلا إذا كان مفهومها أنها جمهورية للخوف.
والمثير أن اتهام أحمد الطنطاوي يأتي ونحن على أعتاب انتخابات رئاسية من المفترض في المتنافسين عليها -إن كان هناك تنافس- يغيرون على الحرية، ويمعنون في التفاني لمفاهيمها والحفاظ عليها، والحرص على تأكيد فكرة الحرص على المعارضة بقوة تليق بقوة النظام القادم.
أعتقد أن إحالة أحمد الطنطاوي إلى المحاكمة عملية لا تخدم الوطن، ولا تقدم له إلا صورة هشة وضعيفة، وغير قادرة على استيعاب أي أطراف تقف على يسار النظام أو تعانده أو تعترض على أدائه، أو ترى نفسها بديلًا له.