سر شقاء البشرية
إن ما يحدث على الأرض منذ أن وطئتها أقدام البشر من حروب وصراعات وسفك للدماء البريئة الطاهرة وترويع للآمنين وإفساد في الأرض وراءه الحسد والطمع، تلك الآفتين الخطيرتين المهلكتين للبشر هما اللذان بثهما الشيطان في نفوس غالبية البشر إلا ما رحم ربي.
ومعلوم أن إبليس لعنه الله تعالى، وهو أول حاسد وطامع ولقد بدأت القصة عندما أخبر الله تعالى الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة قائم بأمره، فتطلع إبليس لهذه الخلافة وخاصة أنه في الأصل من سكان الأرض، وبالرغم من أنه تربى بين عوالم الملائكة إلا أن حنينه إلى الأرض لم يفارقه، وأصله النيراني غالب عليه ولم يفارقه.
ولما آلت الخلافة لأبو البشر أبينا آدم عليه السلام امتلأت نفس الشيطان النارية حقدا وحسدا لأبو البشر وذريته، وتوعدهم بالكيد والتضليل والهلاك، وسأل الحق عز وجل أن ينذره فأنذره الحق عز وجل إلى يوم الدين.
وكانت أول سموم الشيطان التي بثها في نفس قابيل أول ذرية أبينا آدم تجاه أخيه هابيل هي الحقد والحسد والطمع حتى سولت له نفسه قتل أخيه فقتله. ومن هنا بدأ الصراع على الأرض، وبدأ القتال والإفساد فيها.
آفة الطمع والحسد
ولقد كان من حكمة الله تعالى في إرسال الرسل عليهم السلام بالرسالات والمناهج السماوية إستقامة البشر وإقامة الخلافة في الأرض، والتي تعني عمارة الأرض وإثراء الحياة عليها وعدم الإفساد فيها، وإقامة العدل الإلهي بين البشر ونشر الرحمة الإلهية بين ربوع الأرض..
هذا بالإضافة إلى تحقيق الضرورات الخمس والتي بها تستقيم الحياة ويسعد البشر وهي حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ النفس، وحفظ المال، وحفظ النسل.. ولكن غالبية البشر استحوذ عليهم الشيطان وتحكمت فيهم أهواء الأنفس والشهوات والغرائز وأعتلت قلوبهم بحب الدنيا بعدما عميت بصائرهم عن الآخرة..
وقد أنساهم الشيطان الموت والحساب وأن الدنيا دار إختبار وممر ودار فناء وأنهم راجعون إلى ربهم عز وجل وواقفون بين يديه للحساب. هذا ولا شك أن سر شقاء البشرية وتعاستها يكمن في نبذهم لمناهج الله تعالى وشرائعه تلك المناهج التي حوت كل المكارم والفضائل والمحاسن والقيم الإنسانية النبيلة والتي نهت عن الرذائل والفسق والفجور وعن كل ما هو خبيث وسيئ.
يقول تعالى "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"، في حديث جامع للنبي الكريم والرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم فيه إشارة جامعة لفحوى الرسالات السماوية يقول صلى الله عليه وسلم وعلى آله "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"
إن الرسالات السماوية مع تعدد مسمياتها كلها مجموعة في دين واحد وهو الإسلام، وكلها تدعو إلى الرحمة والاعتدال والوسطية وحفظ الدماء والأعراض والحقوق، وإلى الحب وحسن المعاملات بين البشر مع اختلاف عقائدهم. يقول تعالى "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا".
هذا ولقد جعل الله تعالى للدماء حرمة شديدة حيث يقول عز وجل "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما". ويقول سبحانه وتعالى "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ".
هذا وإن ما يفعله الصهاينة الملاعين بمساندة أمريكا وبريطانيا وفرنسا ودول الغرب منذ أن احتلت فلسطين عام 1948 إلى الآن من مجازر وحشية وسفك دماء بريئة طاهرة وفساد وإفساد والقضاء على مظاهر الحياة، يستوجب لعنة الله تعالى ومقته سبحانه.
ولا شك أن هذا الإجرام يتنافى مع تعاليم التوراة والإنجيل وكل الكتب والرسالات السماوية وأن من وراء هذا البغي والعدوان هو الطمع في ثروات الغير وفرض النفوذ والهيمنة والسعي إلى تحقيق الحلم الصهيوني المتوهم بدولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وهذا لا ولن يتحقق. واعتقد أن نهاية إسرائيل قد اقتربت..