كلمات في إلغاء المهرجانات بسبب أحداث غزة (1)
السينما والغناء والمسرح والتليفزيون وغيرها من الفنون، هي أشياء راقية وأدوات سامية هدفها مع الترفيه الارتقاء بعقول ومدارك وحواس الجمهور وتشكيل وجدانهم وآرائهم، ولا شك أن هذه الفنون قد لعبت ومازالت أدوارًا مهمة على مدار التاريخ في مصر والعالم بحيث لم يعد بالإمكان الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال في أي وقت من الأوقات مهما كانت الظروف والأحداث..
حتى أوقات الحروب تظل مطلوبة وفاعلة وبقوة وهو ما ظهر جليًا منذ نكبة فلسطين ومرورًا بكل الحروب التي تلتها حتى نصر أكتوبر1973 العظيم، وكيف كانت هذه الفنون وخاصةً السينما والأغنية حاضرة ومؤثرة وداعمة ومشجعة ومعبرة عن تلك الأوقات التاريخية العصيبة التي مرت بها مصر والوطن العربي.
والمهرجانات الفنية هي جزء أصيل من هذه الفنون بل هي الجائزة التي ينتظرها صناع هذه الفنون لعرض أحدث أعمالهم وأفكارهم على مدار عدة أيام عبر تظاهرات فنية كبرى يشهدها كوكبة من صناع الفن من مختلف الدول، ومن ثم باتت لهذه المهرجانات أهمية قصوى للجميع سواء صناع الفن أو من يتلقونه من الجماهير العريضة أو لمن يستثمرون فيه أيضًا!
فكرة مزعجة
فكرة إلغاء مهرجان أو تأجيله لأجل غير مسمى فكرة مزعجة وصادمة ومرفوضة شكلًا وموضوعًا من الجميع لكل العوامل التي ذكرناها سابقًا، عن الفوائد والأهداف من وراء إقامة المهرجانات ولكن هناك ضرورات قد تبيح المحظورات وتجعلها مطلبًا شعبيًا ملحًا ومقبولًا بدرجة كبيرة عند أغلب الأطراف، خاصةً أوقات الحروب والصراعات والجوائح مثل جائحة كورونا التي تسببت في ما يشبه الإغلاق الكامل في العالم أجمع لأكثر من عامين وحتمت إلغاء كافة المهرجانات الفنية وغير الفنية..
وبنظرة تاريخية سريعة على المهرجانات التي لم يتم إقامتها للظروف القهرية التي أشرنا إليها سنجد أن مهرجان كان الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد الأوسكار من حيث الأهمية عالميًا ويقام في شهر مايو من كل عام توقف عدة مرات الأولى منذ بدايته عام 1939 بسبب الحرب العالمية الثانية حتى عاد عام 1946..
ثم توقف مرة ثانية عام 1948 ثم 1950 ف عام 1968 بسبب اضطرابات واحتجاجات مايو بفرنسا وأخر مرة ألغي فيها كان عام 2020 بفعل جائحة كورونا، وكل المهرجانات تعرضت للتوقف بفعل عوامل اضطرارية مختلفة خارجة عن الإرادة باستثناء مهرجان جوائز الأوسكار الأمريكية، الذي يقام كل عام في شهر فبراير منذ عام 1929..
أما بالنسبة لمصر والدول العربية، فقد أعلنت بعض المهرجانات إلغاء فعالياتها هذا العام تضامنًا مع الشعب الفلسطيني في حربه غير المتكافئة مع الكيان الصهيونى، البداية كانت من مهرجان الجونة الذي كان مقررًا افتتاحه في 13 من أكتوبر الجاري فتم تأجيله أولًا لمدة أسبوعين ثم إلى أجل غير مسمى!
كما أعلنت وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني عن تأجيل الدورة ال 45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي التي كان مقررًا لها من 15 إلى 24 من نوفمبر المقبل بعد تصاعد الأحداث في غزة، وكان المهرجان قد تم إلغاؤه عدم مرات أعقاب أحداث يناير عام 2011 وثورة يونيو حتى عام 2014 وفي وقت جائحة كورونا عام 2020.. وهو أول مهرجان سينمائي في العالم العربي حيث تأسس عام 1976..
وقرار التأجيل طال أيضًا مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية رقم 32 والذي كان سيقام في الفترة من 24 أكتوبر الحالي إلى 2نوفمبر المقبل.
وعربيًا قررت وزارة الشئون الثقافية التونسية إلغاء الدورة ال 34 من أيام قرطاج السينمائية التي كان مقررًا انطلاقها اليوم الثامن والعشرون من أكتوبر، وذلك على الرغم من أن إدارة المهرجان أكدت قبل قرار الإلغاء أن أيام قرطاج السينمائية منصة فكر ومقاومة بالأساس تنتصر للفن وللجمال وتناقش قضايا العالم وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
من المهرجانات العربية التي تم تأجيلها أيضًا مهرجان أجيال السينمائي بقطر والذي قرر القائمون عليه إلغاء دورته العاشرة التي كانت ستنطلق ما بين 8 إلى 16 نوفمبر المقبل، وذكر بيان المهرجان أنه في هذه الأوقات العصيبة نؤكد تضامنا مع الشعب الفلسطيني ونشاركهم مشاعر الحزن والأسى جراء الخسائر اليومية الهائلة في الأرواح البريئة، فهذا الوقت ليس وقت الاحتفال.
وقبل يومين من حفل الختام، أعلن مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي بموريتانيا عن تعليق أنشطة دورته الأولى التي بدأت 15 أكتوبر الحالي حدادًا على أرواح الشهداء في غزة.
نكمل في المقال القادم
