ثمن الكرامة.. وثمن الذل
خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة الحرب على غزة، استمعت في صدمة واندهاش من كلمة مندوب دولة الاحتلال في المنظمة الدولية. كلمة الصهيوني كانت تفيض حقدا وبغضا للحياة، حياة الأطفال والنساء والشيوخ وطبعا الشباب.. كانت تشع كراهية للفلسطينيين جميعهم، حتى من لم يحملوا سلاحا في حياتهم.. ظل يحرض ضد أهالي غزة، بزعم القضاء على من أسماهم وحوش حماس!
ولكي تنطلي أكاذيبه على ممثلي الدول في الجمعية العامة، لجأ إلى استخدام الصور التي تؤيد اتهاماته لـ حماس، ورغم أنها كانت من إنتاج الذكاء الاصطناعي، فإنه لم يبرر سبب قصف المدنيين العزل، وغالبيتهم من الأطفال.
مجرمو الحرب الصهاينة ارتكبوا، ولا يزالون، مجازر ومذابح بحق الأبرياء العزل، بداية من دير ياسين، مرورا بـ الطنطورة وخان يونس، وقبية، والحرم الإبراهيمي، حتى قصف المستشفيات ودور العبادة، وهدمها على من يحتمون بها ظنا -وبعض الظن إثم- أنهم سيكونون بمأمن من لظى الحرب، ورشقات المدفعية والصواريخ والدبابات.
أطماع دولة الاحتلال
تلك المذابح المروعة التي تتعفف الحيوانات المفترسة عن ارتكاب مثلها، كان في مقدمة مرتكبيها قادة تحولوا إلى سياسيين فيما بعد، أو ارتدوا ثياب الساسة، دون أن ينزعوا أنياب المفترسين ومصاصي الدماء، مثل مناحم بيجين، وإرئيل شارون، وإيهود باراك.
ولمن يزايدون على موقف مصر من مؤامرة التهجير القسري للفلسطينيين من أرضهم، عليهم أن يعلموا أن سياسة بني صهيون هي التخطيط الكبير والعميق، خطوة خطوة من أجل تحقيق الهدف العريض.. فهم قد بدأوا بغزة، ولن يتوقفوا..
فالخطوة القادمة هي إفراغ الضفة الغربية من أهلها، وبعدها سيتحركون نحو حدود وبلدان عربية أخرى، فماذا يمنعهم إن حققوا هاتين الخطوتين؛ غزة ثم الضفة، من ابتلاع الجنوب اللبناني ثم لبنان كلها؟!
وليست الأردن منهم ببعيدة، بل ولا يظن أحد أنه بمنأى عن مطامعهم لتحقيق دولة الاحتلال من النيل إلى الفرات.. الموقف المصري جاء ذا نظرة بعيدة، ولم يرفضه إلا من لا تتجاوز أفكارهم أطراف أقدامهم.
ونحن المصريون، نقف خلف قيادتنا، بالأرواح، والدماء.. فكما قال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر: "إذا كان ثمن الكرامة فادحا، فإن ثمن الذل أفدح".. والمصريون لم يعتادوا الذل أبدا والتاريخ يشهد، ولا يكذب.