المواقف تصنع التاريخ!
فيما يعد تجديفًا ضد تيار غربي عاتٍ ومضلل وداعم لإسرائيل جاءت مواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمين عام الأمم المتحدة لتتصدى لتلك الهجمة الشرسة من إسرائيل وأتباعها على شعب أعزل في غزة؛ ذلك أن أمريكا وفي ذيلها بعض قادة أوروبا سعوا منذ اللحظة الأولى لاندلاع طوفان الأقصى، لانتزاع اعتراف عربي يدين ما فعلته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر، ووصمها بالإرهاب.
لخلق مسوغ يمنح تل أبيب غطاءً يمكنها من الاستفراد بالمقاومة وتصفيتها بوضعها على قدم المساواة مع تنظيم داعش الإرهابي صنيعة الغرب نفسه بشهادة المنصفين من مفكريه ومثقفيه وإعلامييه.
إسرائيل وأشياعها من دعاة الحقوق والحريات لا يعبأون بمبادئ القانون الدولى ولا اتفاقيات جنيف إذا تعلق الأمر بانتهاكات حقوق العرب.. حيث ينكرون حقوق المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لحرب إبادة وتجويع وقتل جماعي في كل لحظة.
الرئيس التركي خرج بتصريحات حاسمة ترفض تصنيف حماس كحركة إرهابية وهو ما يضع حدًا لأكاذيب السردية الإسرائيلية التي تبنتها الميديا الغربية بشكل وقح ومفضوح ومتحيز، ويصر الغرب على تكريسها وتصديقها رغم كذبها الواضح.
أما الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش فقد فاجأنا بخطاب ألقاه أمام مجلس الأمن أشعل غضب تل أبيب وجنونها؛ حيث جاهر بحقيقة يصر بعضنا للأسف على التعامي عنها؛ وهي أن هجمات المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل لم تحدث من فراغ؛ منددًا بالقتل الجماعي في قطاع غزة، وهو ما أثار فزع تل أبيب التي دعته للاستقالة من منصبه، معلنة رفضها منح تأشيرات لمسئولي تلك المنظمة الدولية.
جرائم ضد الإنسانية
أنطونيو جوتيريش ندد بالقتل الجماعي في غزة ودعا لوقف إطلاق نار إنساني في غزة لحماية المدنيين، مؤكدًا على ضرورة احترام تل أبيب لقواعد الحرب وإحترام المدنيين وحمايتهم ثم مضى يضع النقاط فوق الحروف حين قال إن هجمات المقاومة الفلسطينية لا تبرر لإسرائيل القتل الجماعي الذي يشهده القطاع؛ وهى الرؤية ذاتها التي تتبناها مصر منذ اللحظة الأولى للأزمة حين أكدت أن رد الفعل الإسرائيلي تجاوز حق الدفاع عن النفس.
أما الرئيس أردوغان، فقد قال صراحةً في كلمته أمام اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه الحاكم العدالة والتنمية: سنستمر في موقفنا المبدئي الرافض لهذا الظلم الذي يتعرّض له الشعب الفلسطيني الآن وأن تتصرف إسرائيل كتنظيم وليس كدولة.
أردوغان اتخذ خطوة عملية كاشفة حين ألغى زيارته إلى إسرائيل قائلًا: منذ 7 أكتوبر تنفذ إسرائيل واحدة من أقوى الهجمات ضد غزة وتقوم ليل نهار، في وحشية متعمدة ضد الإنسانية، بقصف المدن والمستشفيات والمدارس والأسواق والمدنيين بالطائرات الحربية والدبابات والمدافع.. ولا توجد دولة أخرى تقوم بهذا الأمر الذي تقوم به إسرائيل من جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية بحقّ الفلسطينيين.
وفي مواجهة مباشرة مع الغرب وأمريكا قال أردوغان لإسرائيل والعالم: لقد اجتمع كل الغرب واتفقوا أن حماس تنظيم إرهابي.. ربما الغرب مدين لإسرائيل بالكثير، ولكن تركيا ليست مدينة لإسرائيل بشيء.. أقول بوضوح أن حماس ليست تنظيما إرهابيا.. بل يقومون بالكفاح من أجل الدفاع عن شعبهم وأرضهم..
هم مجموعة من المجاهدين ومنظمة تحرّرية، مؤكدًا أن المجازر بحقّ الأطفال وعدم الاهتمام بها هي من إرث الدول الغربية وجرائمها.. لا يمكن لنا أبدًا أن نتسامح مع قتل إسرائيل للأطفال.. الجرائم التي تقوم بها إسرائيل، ومن يدعم هذه الجرائم، دليل على أنهم مرضى عقليون وجناة.. إنهم يستخدمون حجة أنهم تعرّضوا لهجوم لارتكاب أفظع الجرائم.
تصريحات أردوغان وأنطونيو جوتيريش هل تحفز العرب للاصفاف خلف موقف موحد يقطع الطريق على المزايدين ومحاولات تسخين الشعوب، موقف عربي جماعي لا يكتفي بإدانة جرائم إسرائيل والمطالبة بإنفاذ المساعدات إلى غزة بشكل مستدام بل يرفض دعاوى أمريكا والغرب ومحاولتهم المفضوحة لشيطنة المقاومة ووصمها بالإرهاب ومساواتها بداعش وغض الطرف عن جرائم إسرائيل.
لسنا أقل حماسًا لقضيتنا الأولى من أردوغان ولا أقل موضوعية من جوتيريش.. صدقونى.. المواقف تصنع الأبطال وهذا أنسب وقت لوقف الآلة الهمجية الإسرائيلية المدعومة بالغرب الذي كشف عن نواياه الحقيقية في الدعم الفاضح لإسرائيل.