الإجرام الصهيوني والضعف العربي
لم يشهد التاريخ البشري همجية ووحشية وإجراما وسفكا للدماء البريئة كهمجية ووحشية الصهاينة الملاعين، ويشهد تاريخهم الإجرامي الحافل بالجرائم اللإنسانية منذ أن وضعوا أقدامهم في الأرض المقدسة بفلسطين منذ وعد بلفور اللعين. وتاريخهم الأسود يشهد بذلك فكم من مذابح ارتكبوها منها مذابح صبرا وشاتيلا لتحقيق حلمهم المتوهم بدولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
إن ما يجرى حاليا في غزة من مجازر صهيونية بالآلة العسكرية مع مدنيين عزل لتشبيب منها الرؤوس ويفطر لها القلوب، قتل وتدمير بلا رحمة وبلا هوادة، مجازر لم ترحم مرضى ومصابين، شيخ ولا إمرأة ولا شاب ولا طفل ولا رضيع بل لم تسلم المستشفيات الحافلة بالجرحي من أثر عدوانهم السافر ولم يسلم جماد ولا نبات ولا حيوان ولا كائن ما كان.
كل هذا يحدث على مدار الساعة على تحت سمع ومرأى المجتمع الدولي الظالم والذي تتحكم فيه الدول الكبرى والتي غرست الكيان الصهيوني في قلب الأمة لتحقيق أطماعهم ومصالحهم في الشرق الأوسط.
ومن المعلوم ان إسرائيل ربيبة أمريكا وبريطانيا وفرنسا والعالم الغربي. كل هذا يحدث أمام العالم العربي والإسلامي وكالعادة لا يملكون إلا الشجب والإعتراض والتنديد. هنا لنا أن نتسائل ماذا أصاب العرب والمسلمين. وما سبب عجزهم عن مواجهة الصهاينة الملاعين بكل ما لهم من إمكانات بشرية وأموال طائلة وثروات هائلة؟
والإجابة ببساطة أشار إليها النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله إخبارا بما يحدث الآن حيث قال "يوشك الأمم ان تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها". فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال "بل أنتم كثرة ولكنكم كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن".
ولينصرن الله من ينصره
قيل: وما الوهن؟ قال حب الدنيا ومخافة الموت. هذا بالإضافة إلى أن معظم ولاة أمورنا خالفوا تعاليم الله تعالى ولم يأتمروا بأمره عز وجل. الله تعالى يأمرنا بالاعتصام بحبله تعالى حيث قال "عْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا". ولكننا تفرقنا ولم نعتصم وكل يوم نزداد فرقة.
وقال سبحانه وتعالى "فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ". وقال عز وجل "وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"، هذا بالإضافة إلى أننا لم ننصر الله بالتمسك بهديه وإقامة شريعته وإتباع رسوله والله تعالى يقول وقوله الحق " وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ".
هذا ومن المعلوم والمؤكد أن النصر بيد الله تعالى ومن عنده فهو عز وجل الذي يؤيد بنصره من شاء وهو سبحانه القائل "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ". نحن مؤمنين باللسان فقط وغاب عنا أن الإيمان مقرون بالعمل. من هنا ومن أجل أن نحظى بتأييد الله ونصره علينا أولا: أن ننتصر على أنفسنا ونتغلب على أهواءها ونطرح حب الدنيا من قلوبنا وعلينا بالعودة إلى الله تعالى وإلى شريعته الغراء وهدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والعمل بهديه وسنته..
وعلى ولاة الأمور في العالم العربي والإسلامي أن يعتصموا ويتحدوا وعليهم أن يغلبوا مصالح الأمة على مصالحهم وعليهم أن يتحرروا من شهوة الحكم، وبأمانة شديدة عليهم أن يستمعوا إلى رجل مصر الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي يعمل على جمعهم وتوحيد صفهم..
هذا وفي ختام المقال لا أقبل ان يشير أحد إلى مصر بالتقصير تجاه ما يحدث الآن. فإن مصر لم تتقاعس يوما في أداء دورها تجاه القضية الفلسطينية منذ حرب 1948، فقد قدمت مصر الكثير والكثير ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك. والآن تؤدي دورها في حدود الإمكانيات المتاحة. وماذا تصنع مصر بمفردها في الوقت الذي تفرقت فيه الأمة وتغلبت المصالح الخاصة على المصلحة العامة، وكل الآن وللأسف الشديد يعمل لمصلحته.