حقيقة الأوضاع في غزة!
الأوضاع في غزة والأراضي المحتلة تتغير في كل لحظة، ومن ثم فإنه يصعب تقدير موقف نهائي أو حاسم، فثمة من يرى أن ثمة خطّة أمريكية تحاول الاستثمار في الحدث، ليس فقط لتسهيل عملية عسكرية إسرائيلية على قاعدة الأرض المحروقة، بل ليعود الرئيس الأمريكى بايدن بإنجاز كبير يؤهله ليس فقط لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية الوشيكة بل لكسبها..
ملخص هذه الخطّة يتمثّل في الضغط على دول عربية لاستقبال سكّان قطاع غزة لحين القضاء على حماس، وهو الأمر الذي باء بالفشل على الأرض. إن خطة كهذه تثير قلق الدول العربية ومخاوفها من تصفية القضية الفلسطينية التي ستكون فاتورتها باهظة شعبيًا وسياسيًا..
ومثل هذه المخاوف يجعل الغضب الأمريكي شيئًا هينًا؛ فالتداعيات خطيرة أكبر من أن تحتمله تلك الدول التي انتقلت من موقف المتحسب لردة الفعل الأمريكية والغربية، إلى موقف الرافض لخطّة التهجير التي لم تلق قبولًا عربيًا..
وبدا في الأفق تحوّل نحو ضرورة فرض معالجة إنسانية فورية للأوضاع في قطاع غزة، كما تصاعد الخطاب المستنكر لعمليات القتل والإزاحة الجماعية، وبدأت مشاريع الهدنة الإنسانية والسعي لتأمين الإغاثة تتحول لأفكار عملية أصرت مصر على تنفيذها مقابل السماح بخروج الأمريكيين الموجودين في غزة من معبر رفح.
طوفان الأقصى ومخطط التهجير
واقعيا تراجعت حدة الخطاب الأمريكي، وبدأ التشكيك إعلاميا في جدوى الاجتياح البرى الإسرائيلي لغزة، وخرجت تساؤلات أمريكية للإسرائيليين وأهمها: وماذا بعد الاجتياح.. هل يقدر الجيش الإسرائيلي على البقاء في غزة بعد تفريغها من أهلها.. وهل يتحمل هذا الجيش مزيدًا من الخسائر البشرية والمادية في معركة برية داخل عزة التي قطعًا تعرف المقاومة كل شبر فيها.. وهل معنويات جنود جيش الاحتلال وضباطه تسمح بخوض تلك الحرب الضروس؟!
أسئلة كثيرة لا تجد إجابات حاسمة لدى قادة إسرائيل الذين فقدوا البوصلة والاتزان بعد ضربة 7 أكتوبر، وبدا أن الإسرائيليين لم يحسموا حتى اللحظة خياراتهم العملية، فهم بين رفض تحديد أهداف واضحة، وبين إصرار وتمسك بهدف إبادة حماس ولكن مع الاعتراف بصعوبة المهمّة، وهذا تحوّل واضح.. ناهيك عما قد يحدث إذا ما نفذت المقاومة اللبنانية تهديداتها بالدخول في المعركة حال حدوث هذا الاجتياح.
وفي كل الأحوال فإن الحدث رغم أنه جلل لكنه ليس معتمًا فثمة ثغرات قابلة للاتساع يمكن استثمارها لصالح القضية الفلسطينية والحقوق العربية؛ شريطة ألا نترك غزة لقمة سائغة للأطماع الإسرائيلية؛ فصمود المقاومة وأهلنا في غزة فقط، وكلّ اتساع نضالي من فلسطين يصبح في صالحنا..
فهؤلاء حائط صد أولى ينبغي للعرب جميعًا أن يسعوا ليجعلوه ثابتا ودائما ومتسعا باستمرار ليتطور نحو آليات أكثر ضغطًا وانتزاعًا للحقوق العربية.. والعمل على تقصير أمد الحرب بكل وسيلة ممكنة؛ فالدول العربية متضررة قطعا من استمرار تلك الحرب؛ وهو ما يحتاج منها أن تكون أكثر سرعة وجرأة لنصرة الفلسطينيين.
لكن ثمة مؤشرات مهمة يمكن إجمالها هنا، وأهمها أن وزير خارجية أمريكا بلينكن فشل أن ينتزع إدانة صريحة ل طوفان الأقصى، أو الموافقة على مخطط التهجير.. كما فشل القصف الإسرائيلي في تحقيق أي مكسب سياسي أو عسكري حتى الآن..
ويبقى أن حصيلة الشهداء من المدنيين الأطفال والنساء أصبحت ثقيلة على تحمل الرأي العام الدولي، ويمكن أن تنقلب ضدهم خلال أيام.. كما أن شعوبنا باتت أكثر نضجًا وبات حراكها الرافض للاعتداء الإسرائيلي لا تخطئه عين.. وثمة التفاف فلسطيني وإجماع على المقاومة وخلفهم ظهير شعب عربي كبير ندعو الله أن يتكلل بالنجاح واستقرار المنطقة!