أقنعة الغرب تتساقط.. فأين ضمير العالم!
حسنًا ما فعلته مصر حين رفضت السماح بدخول من يحملون الجنسية الأمريكية إلى معبر رفح، إلا في إطار اتفاق أشمل، يخفف معاناة أهلنا في قطاع غزة الذين يرزحون تحت وطأة البطش الإسرائيلي الذي يرتكب بحقهم جرائم حرب وإبادة جماعية بشهادة الغرب نفسه.
ورغم هذه المجازر الوحشية فإن الغرب كشف عن وجهه القبيح بانحيازه السافر للاحتلال الإسرائيلي وإمداده بالعدة والعتاد والدعم اللامحدود، بل والتهديد باستخدام القوة ضد أي طرف يفكر في دعم المقاومة الفلسطينية، وهو ما يسهم بلا شك في تأجيج المنطقة، وإشعال الغضب بين الشعوب العربية والإسلامية، ويعيد الصراع العربي الإسرائيلي لمربع الصفر..
ذلك أن إسرائيل تستغل هذا الدعم لتصفية القضية الفلسطينية؛ بتكثيف الغارات الحارقة على أهل غزة لدفعهم للهجرة إلى دول الجوار، وهو ما ترفضه مصر بوضوح وتحذر من تبعاته الكارثية على قضية العرب المركزية.
ولا يدرك الغرب أن دعمه لإسرائيل لن يوفر لها الحماية ولا الأمن بل إنه يزيد النار اشتعالًا، فأغلب الشعوب العربية تشعر بغضب عميق لما تراه من مشاهد دامية بات الغرب (المستعمر القديم) نفسه طرفًا أصيلًا فيها، بآلته العسكرية الجبارة؛ بوارجه وحاملات طائراته وقذائفه التي تتدفق بلا حساب لإسرائيل في مواجهة مقاومة محدودة التسليح والمقاتلين في مواجهة جيش بربري لا يرحم طفلًا ولا شيخًا ولا امرأة ولا جريحًا.. الكل في محرقته سواء.
حرب دينية
وينسى الغرب أنه بازدواجيته وانحيازه الأعمي ل إسرائيل أنه يحيي بصنيعه هذا غضبًا ظل كامنًا لسنوات في الذاكرة الجمعية للعرب بما فعلته أمريكا وتابعتها بريطانيا من مآسٍ وكوارث في العراق.
هذا الغرب الذي يدعى التحضر والدفاع عن حقوق الإنسان سقطت أقنعته المزيفة وتحطمت على صخرة الحرب في غزة..
وما جرى ترويجه في الميديا الغربية زورًا وبهتانًا بأن المقاومة تقطع رءوس الأطفال الإسرائيليين وهو زعم متهافت لم يصمد حتى في إعلام الغرب مزدوج المعايير، إذ سرعان ما تراجع عن هذه السردية الظالمة حتى دون أن يعتذر عنها..
مثل هذا الكذب البواح ربما يذهب بما سرى من تعاطف شعبي غربي مع إسرائيل في بداية طوفان الأقصى بعد الذي ارتكبته الأخيرة من مذابح وحشية بحق الأطفال والنساء في فلسطين الذين هم أغلب ضحايا هذا العدوان الغاشم الذي يستعر يومًا بعد الآخر للتغطية على الفشل الاستخبارات والميداني للكيان الإسرائيلي المتغطرس.
فأين مبادئ القانون الدولى واتفاقيات جنيف وأين مجلس الأمن والأمم المتحدة.. وأين ضمير العالم الحر مما تقترفه آلة القمع الإسرائيلية في كل لحظة من تدمير لعربات الإسعاف ولشاحنات تقل مدنيين نزحوا من بيوتهم خوفًا من العدوان فإذا بهم يذوقون الموت الجماعي في الخلاء بآلة البطش الإسرائيلية التي بلغت حدًا من فقدان السيطرة والجنون لدرجة أن أحد مسئوليها يدعو لاستخدام السلاح النووي.. فأي جنون أكثر من هذا؟!
طوفان الأقصى بات كاشفًا لما يمارسه الغرب من ازدواجية وتحيز وقح ظهر في تصريحات بعض مسئوليه التي انزلقت إلى القول إن الحرب الدائرة الآن هي في الأساس حرب دينية، وهو ما يعيدنا لتصريحات بوش الابن غداة ضرب العراق بأنها حرب مقدسة..
كل ذلك يخلق بالضرورة حالة استياء شعبي وإحساس مرير بالظلم نتيجة تفاوت القوة، وإذا لم تتم معالجته بشكل عاجل، فسيكون له عواقب وخيمة على المستوى الإقليمي والعالمي ربما لا تتحمله الأنظمة العربية ولا مصالح الغرب في منطقة أشعلها الطمع والتهور الإسرائيلي، وفاقمها الدعم الغربي المفضوح والظالم!