رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

الهروب الكبير للمنتجين من الدراما التليفزيونية إلى السينما!

لا شك أن الدراما التليفزيونية المصرية التي ظهرت مع بدايات التليفزيون في أوائل الستينيات، لعبت دورًا كبيرًا ومهمًا في زيادة الوعي لدى المشاهدين وساهمت بقدرٍ وافٍ في تشكيل وجدانهم، بطرح موضوعات تمس حياتهم وتتحدث عن مشاكلهم وشواغلهم وتطلعاتهم على مدار تاريخها، عبر عشرات  المسلسلات التليفزيونية التي حصدت نجاحات قوية..

 

بدايةً  بـ هارب من الأيام والضحية ومرورًا بالدوامة، أبنائي الأعزاء شكرًا، ليالي الحلمية، رأفت الهجان، أرابيسك، العائلة، لن أعيش في جلباب أبي وغيرها من الأعمال الرائعة، وإن كانت الدراما قد تراجع مستواها بشكل مخيف مع السنوات الأولى للألفية الجديدة حتى وصلت إلى ذروة التراجع والضعف في الفترة الحالية.. 

Advertisements

 

ذلك لأسباب عديدة منها رحيل معظم صناع هذه الكلاسيكيات الخالدة من الكتاب، مثل أسامة أنور عكاشة وصالح مرسي ووحيد حامد ومحمد صفاء عامر ومن المخرجين مثل اسماعيل عبدالحافظ ويحيى العلمي، وابتعاد البعض مثل محمد فاضل وجمال عبدالحميد ومجدي أبو عميرة، كذلك توقف نشاط الكيانات الإنتاجية الكبرى للدولة، والتي أنتجت أغلب هذه الأعمال، كقطاع الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي.. 

 

هذا فضلًا عن الأجور الخيالية للنجوم، وارتفاع تكاليف المسلسلات بفعل زيادة أسعار تأجير المعدات وأجور الفنيين، مما أثر سلبًا على الأعمال المقدمة شكلًا ومضمونًا وكمًا أيضًا، فبعد أن كنا ننتج 75 و80 مسلسلًا في العام الواحد معظمهم في رمضان، تقلصوا بشدة إلى 30 في الشهر الكريم و10 أو 15 في باقي العام!


انسحاب وضعف تسويق


إزاء كل هذه الأسباب التي ذكرناها والظروف الصعبة التي تعاني منها وتاكبدها صناعة الدراما التليفزيونية في مصر، مع ظهور عامل آخر زاد من حجم هذه المعاناة وهو ضعف تسويق وترويج المسلسلات المصرية في دول الخليج، الذي كان السوق الأساسي لهذه الأعمال، بعد تراجع الطلب عليها بشكل واضح لارتفاع تكاليفها وتراجع مستواها.. 

 

ورحيل أغلب نجومها التاريخيين مثل نور الشريف ومحمود عبد العزيز وابتعاد صلاح السعدني وعادل إمام وقلة أعمال يحيى الفخراني، هذا إضافة إلى تطور مستوى الدراما السورية واللبنانية والخليجية بشكل لافت، مما قلل الحاجة إلى الأعمال المصرية، إزاء كل هذه المعطيات ابتعدت أغلب شركات الإنتاج الكبرى صاحبة التاريخ الحافل في الدراما التليفزيونية.. 

 

أمثال.. شركة أفلام محمد فوزي التي قدمت أعمالًا مهمة مثل الدالي لنور الشريف وشركة كنج توت صاحبة يتربى في عزو ليحيى الفخراني، عمارة يعقوبيان، حضرة المتهم أبي، شركة سبوت 200 للمنتج صفوت غطاس التي  أنتجت كل مسلسلات الفنانة الكبيرة سميرة أحمد مثل امرأة من زمن الحب وآميرة في عابدين بجانب فرقة ناجي عطالله لعادل إمام.. 

 

أما أحدث الشركات الكبرى التي قررت الهروب من ميدان الدراما فهي العدل جروب صاحبة الرصيد القوي من الأعمال التليفزيونية الناجحة جدًا أمثال.. حديث الصباح والمساء، قضية رأي عام، ريا وسكينة، حارة اليهود، واحة الغروب، حيث أعلن المنتج جمال العدل أنه قد لا يقدم أعمالًا تليفزيونية هذا العام اللهم إلا مسلسل وحيد على الأكثر.. 

 

وقد يكتفي فيما بعد بالمسلسلات القصيرة ذات ال 6 أو 8 حلقات وأنه قرر التركيز في السينما لسوء الأوضاع في الدراما التليفزيونية وارتفاع تكاليفها بشكل مبالغ فيه والمزيادات الرهيبة التي تلجأ إليها بعض الشركات الجديدة لخطف النجوم! 

 

إضافةً إلى ضعف التسويق الخارجي لهذه الأعمال أيضًا، ومن ثم يكون اللجوء للسينما الأقل تكلفةً والأسرع تنفيذًا والأضمن إنتاجيًا والأكثر سحرًا وجاذبية من التليفزيون، وعلى نفس النهج أيضًا قرر السير المنتج كامل أبو علي صاحب شركة الباتروس بعد عدة أعمال تليفزيونية مثل الجماعة ودايمًا عامر وأخيرًا بابا المجال.. 

 

كما يفكر المنتج أحمد عبدالعاطي مالك شركة أرت ميكرز التركيز في السينما في الفترة المقبلة حيث يؤكد أن لديه خطة تشمل عدد من الأفلام السينمائية في الفترة المقبلة دون هجر التليفزيون نهائيًا الذي قدم من خلاله أعمالًا جيدة مثل نصيبي وقسمتك وأخيرًا 55 مشكلة حب المعروض حاليًا.


ملامح غير مبشرة


مصداقًا لما تم ذكره وتماشيًا معه، فإن المسلسلات التليفزيونية التي تم الاستقرار عليها حتى الآن للعرض في شهر رمضان المقبل، محدودة جدًا وأكثر ها  من نوعية ال15 حلقةً مثلما حدث في رمضان المنقضي..

 

وهو ما يعد مؤشرًا على مزيد من التراجع في كم المسلسلات خاصةً بعد إعلان عدد من شركات الإنتاج الكبرى الانسحاب من سوق الدراما والاتجاه للسينما، والأعمال التي أكد القائمون عليها تنفيذها للعرض الرمضاني  وتم البدء في تصوير بعضها بالفعل..

 

 وحتى هذه اللحظة هي.. الحشاشين بطولة كريم عبد العزيز، تأليف عبدالرحيم كمال وإخراج بيتر ميمي، وهو مستوحى من أحداث حقيقية وقعت في القرن الحادي عشر عن هذه الجماعة التي أرعبت العالم، وصورت مشاهده الأولى بكازاخستان، ألف ليلة وليلة وهو مؤجل من رمضان الماضي، بطولة ياسر جلال،  تأليف أنور عبد المغيث وإخراج إسلام خيري، نعمة الأفوكاتو لمي عمر، تأليف مهاب طارق ومحمد سامي وإخراج محمد سامي الذي قارب على الانتهاء من تصويره، وهو 15 حلقة.. 

 

وقصة المدينة بطولة أحمد آمين ومحمد ممدوح، تأليف شيرين وخالد دياب وهو 15 حلقة أيضًا، الراكون الذي يعود به يوسف الشريف للتليفزيون بعد غياب عامين، تأليف زوجته إنجي علاء وإخراج ماندو العدل وهو مكون من 15 حلقةً، فراولة بطولة نيللي كريم في أول عمل لها بعيدًا عن شركة العدل جروب منذ سنوات عديدة والتي ساهمت بقدر كبير في نجوميتها التليفزيونية، وهو عمل كوميدي اجتماعي من المقرر أن تكون عدد حلقاته 15 حلقة أيضًا، شغل فنادق لروبي وعمرو يوسف، تأليف مهاب طارق ومحمد سامي وإخراج محمد سامي.

الجريدة الرسمية