الفن وسنينه
العميل صفر كثير من الضحك يكفي مع قليل من الفن!
لا يعيب بعض صناع السينما أن يقدموا أفلامًا كوميدية هدفها الضحك للضحك فقط دون وجود عمق أو قيمة فنية كبيرة، تعتمد على مجموعة من التناقضات والمبالغات وسوء الفهم وهذا النوع من الأعمال يطلق عليه Farce..
وفي تاريخ السينما العالمية والمصرية أفلام كثيرة حصدت نجاحات رائعة تحت هذا التصنيف ونجوم كوميديا من العيار الثقيل تخصصوا في هذه النوعية ونالوا شهرة واسعة وحب وتقدير الجمهور على مر العصور بل وبعضهم نال أيضًا الجوائز!
فمن منا لم يعجب بأفلام لوريل وهاردي ولا بأعمال نجوم الكوميديا بعدهم مثل.. جيم كاري، روبن ويليامز، ويل فاريل، ستيف كاريل، بن ستيلر وغيرهم ولا بأفلام النجوم المصريين.. علي الكسار واسماعيل ياسين وفؤاد المهندس ومحمد عوض وغيرهم وصولًا لمحمد سعد وأخيرًا أكرم حسني..
الذي أراه يمثل أحدث نموذج من سلسلة نجوم الكوميديا الذين سيكون لهم شأن كبير في نوعية أفلام الFarce والتي يتسم بطلها بالغباء والسذاجة، ورغم ذلك ينجح في الخروج من أصعب المواقف والأزمات والورطات وهي النوعية التي تحمل شعار الضحك أولًا وأخيرًا وقبل كل شيء!
جيمس بوند المصري
بطل سلسلة أفلام جيمس بوند الشهيرة التي ابتكرها الروائي الإنجليزي إيان فليمنج عام 1953 أو عميل المخابرات البريطانية 007 والتي جسدها عدد من النجوم وكانت سببًا لشهرتهم في جميع أنحاء العالم منهم.. شون كونري، روجر مور، تيموثي دالتون ودانيال كريج..
أقدم نجم الكوميديا القادم بقوة في الفترة المقبلة أكرم حسني على إحياءها وعمل شبيه مصري لها مع الفارق طبعًا- من خلال أول بطولاته السينمائية المطلقة العميل صفر فكرة محمد سامي الذي اعتذر في اللحظات الأخيرة عن إخراجه فحل محله كريم العدل، سيناريو وحوار وائل عبد الله ويشارك في البطولة أسماء أبو اليزيد وبيومي فؤاد والأردني منذر رياحنة وفيدرا والسعودية فاطمة البنوي في أول تجربة لها في السينما المصرية مع مصطفى غريب وأيمن الشيوي وأوتاكا واسماعيل فرغلي.
الأحداث تدور في قالب كوميدي لطيف حول صفر عبد اللطيف شداد الهمم -أكرم حسني والذي مثله الأعلى جيمس بوند ولهذا يطلق على نفسه اسم العميل صفر! وهو يعمل فرد أمن بأحد شركات الحراسة والأمن ولكنه لغبائه وسوء تصرفه يتسبب في كوارث لكل من حوله وفي كل مكان يعمل به!
يعتقد أن الحظ قد ابتسم له أخيرًا بعد جفاء طويل عندما تساعده الظروف في تولي مهمة تأمين وحراسة شخصية نسائية كبيرة هي الدوقة حورية -فيدرا وابنتها لي لي- فاطمة البنوي خلال زيارتهما الخاصة لمصر ولكنه لا يدري أن هاتين الشخصيتين مرصودتان من قبل عصابة خطيرة بزعامة الدقاق -منذر رياحنة تسعى لخطفهما من أجل مساومتهما على الفوز بعقد أثري قديم يقدر بعدة ملايين من الدولارات تحتفظ به الدوقة في خزانة خاصة بأحد البنوك..
ومن أجل مهمة التأمين تلك يشكل صفر مجموعة مكونة من خطيبته شروق -أسماء أبو اليزيد التي تعمل فرد أمن بأحد دور السينما وصديقه النونو- مصطفى غريب العامل بكباريه درجة ثالثة والسوري أيمن طعمة مدرب الفنون القتالية والوحيد المؤهل في هذه المجموعة! وتحدث العديد من المفارقات الكوميدية بين العصابة ومجموعة العميل صفر لا تخلو من الأكشن تنتهي نهاية سعيدة لصفر ويتزوج حبيبته شروق!
بداية مقبولة جدًا
على المستوى الجماهيري حقق الفيلم نجاحًا جيدًا في شباك التذاكر بإيرادات اقتربت من 32 مليون جنيه في 5 أسابيع عرض ومثلهم في السعودية ذلك السوق السينمائي الجديد والواعد ولكن في 3 أسابيع فقط، وهو ما يعد بداية مبشرة لأكرم حسني في أول بطولة له منفردًا..
أما على المستوى الفني فالفيلم مقبول جدًا إذا نظرنا له على أنه من نوعية أفلام ال Farce التي لا يجب أن نحملها أكثر مما تحتمل، وقد نجح أكرم حسنى في تقديم جرعة كبيرة من الضحك على طريقته الخاصة التي لا تجد صعوبة في الإضحاك دون إسفاف أو ابتذال على خلاف معظم الممثلين الحاليين المحسوبين على الكوميديا من خريجي مسرح مصر وغيرهم الذين يبذلون يعانون كثيرًا لإضحاك الجمهور بالإفيهات والنكات دون جدوى!
كما تميزت أسماء أبو اليزيد في دور جديد عليها وأظهرت قدرات كوميدية لا بأس بها وأجادت أيضًا فيدرا مع مصطفى غريب وأوتاكا وأيمن الشيوي وكل فريق الفيلم، أما بيومي فؤاد أو التميمة لكل الأفلام على اختلاف نوعياتها فلم يقدم جديدًا ولم يكن وجوده سوى لمغازلة السوق السعودي المتيم به ونفس الحال مع الممثلة السعودية فاطمة البنوي رغم جمالها ورقة ملامحها ولكنها لم تلفت الأنظار!
وبالنسبة للكتابة فهي معقولة في حدود نوعية الفيلم وأبطاله رغم الهنات والهفوات والمواقف التي لا مبرر درامي لها، مثل المشهد الطويل لقيام فتاتين مقنعتين بسرقة المتحف الذي يعمل به صفر في بداية الفيلم أو Avavnt - titre!
كذلك المونتاج جاء جيدًا والتصوير متميزًا وموسيقى خالد حماد معبرة إلى حدًا ما مع الاستعانة بموسيقى جيمس بوند الشهيرة، أخيرًا وفق المخرج كريم العدل في تقديم فيلم كوميدي لطيف خفيف يصلح للمشاهدة العائلية والاسترخاء بعيدًا عن ضغوط الحياة وهمومها التي تضاعفت في الآونة الأخيرة.
