متى تتوقف تجارة الموت؟!
الغش جريمة كبرى، تحرمها الأديان كافة، وتجرمها القوانين والتشريعات في كل الدول مع تفاوت في درجة الردع والمواجهة.. وتزداد خطورة الغش إذا أضر بصحة الناس؛ كالغش في الدواء والغذاء؛ لأنه قد ينتهى بموت الإنسان، وهو أبشع أنواع الجرائم قاطبةً.
غش الأدوية أخطر جرائم الغش، وهو ظاهرة عالمية تدور معدلاتها حول 10% من حجم التجارة الدولية للدواء.. لكنها في مصر توحشت وقاربت 15%؛ وهو ما يترك آثارًا سلبية ضارة على صحة المواطن والاقتصاد، ويهز الاستقرار الطبي والتجاري.
هذه الأرقام أكدها رئيس شعبة الدواء باتحاد الغرف التجارية د. على عوف، حيث قال - قبل ساعات-: إن الدواء المغشوش ظاهرة عالمية موجودة حتى في أوروبا والولايات المتحدة بنسبة 10% من حجم التجارة العالمية، لكن مصر لا يوجد بها إحصائية واضحة للأدوية المغشوشة التى تنتشر بشكل أكبر خارج المدن الرئيسية في القرى والمناطق الريفية..
مؤكدًا وجود صعوبات في رصد تلك الأصناف لدقة تقليد العبوات الخارجية ولكن بالإمكان مراجعة شكل ومراجعة مواصفات العلبة من الخارج.
تجارة الموت
كما حذر الدكتور علي عبدالله مدير مركز الدراسات الدوائية، من أن الأدوية المغشوشة والمهربة في مصر تمثل نحو 15% من حجم السوق، طبقا لآخر دراسة أجراها مركز التعبئة العامة والإحصاء في عام 2015، مشيرا إلى أن النسبة تغيرت بكل تأكيد خلال الفترة الراهنة.
في دول مثل الصين يعاقب الفاسدون بالإعدام؛ ردعًا وزجرًا لكل من تسول له نفسه ممارسة أي فساد تكون نتيجته الطبيعية الإضرار بالمجتمع والاقتصاد عن عمد.. فلماذا لا يجري تشديد عقوبات الغش وخصوصًا غش الدواء في مصر، في ظل معدلات عالية للغش في الدواء ابتلينا بها مع تصاعد موجات التضخم والغلاء..
ناهيك عن أن من يرتكب مثل هذا الغش هو قاتل متعمد؛ فقد يكون من بين الأدوية المغشوشة أدوية للسرطان والفشل الكلوى وأدوية القلب غالية الثمن، وللأسف الشديد يعاون هؤلاء المجرمين صيادلة منحرفون ومستشفيات لتحقيق أرباح طائلة.. فأين رقابة وزارة الصحة والأجهزة المختصة من هؤلاء المجرمين.. وأين جهاز حماية المستهلك من مصانع أدوية بير السلم؟!
والسؤال الأهم: ماذا عن مشروع تعقب الدواء إلكترونيا.. ما الذي يمنع خروجه للنور من أدراج الوزارة.. للقضاء على ظاهرة غش الدواء وإحكام الرقابة والسيطرة على منظومة الإمداد والتموين الدوائي من خلال إعطاء رقم كودي لكل عبوة دواء وتتبعها إلكترونيًا من أول إنتاجها من المصنع حتى بيعها للمستهلك؟!
هيئة الدواء عليها مسئولية كبيرة في مراقبة الصيدليات والمخازن والمصانع المرخص لها صناعة الأدوية، فثمة مصانع تغش الدواء تسمى مصانع بير السلم وهي بعيدة عن الرقابة، وتستخدم بعض الأماكن غير المرخصة وتطبع نشرات ومواصفات وشكل الدواء باستخدام ماكينات تصنيع غير مرخصة، وهنا يأتي دور مباحث التموين والدواء برصد مصنعي الأدوية خارج المصانع المرخصة والمعتمدة.
وحتى لا نلقي بالمسئولية كلها على الدولة فلابد للإعلام من زيادة جرعات التوعية للمواطنين بضرورة شراء الأدوية من الصيدليات المرخصة والابتعاد عن الشراء من صفحات الإنترنت وشاشات الفضائيات التي تمارس الغش عيانًا بيانًا دون رادع ولا رقيب ولا حسيب.. تشديد العقوبات والرقابة والتوعية مقومات لازمة لمنع أو التقليل من تجارة الموت!