هل تكون الأعمال الأدبية طوق النجاة للسينما والدراما؟
العلاقة بين الأدب والسينما علاقة قديمة ووطيدة وراسخة منذ حقبتي الخمسينيات والستينيات حيث العصر الذهبي للسينما، وهي علاقة قائمة على التأثير المتبادل والمنفعة المشتركة، فقد استفاد الأدب من السينما بالانتشار الواسع والشهرة الذي حظيت بها أعمال الأدباء، التي حولتها السينما إلى أفلام ووثائق سينمائية خالدة وباقية أكثر من الروايات المطبوعة المقروءة..
في حين وفرت هذه الأعمال الأدبية كنزًا لا ينضب نهل منه السينمائيون ومازالوا عشرات الأفلام التي صارت أغلب كلاسيكيات السينما المصرية مأخوذة عنها ولعل الأمثلة على ذلك كثيرة جدًا منها.. دعاء الكروان لطه حسين وبطولة فاتن حمامة وأحمد مظهر واخراج بركات، الحرام ليوسف إدريس وبطولة فاتن حمامة وإخراج بركات أيضًا، الوسادة الخالية لإحسان عبد القدوس وبطولة عبد الحليم حافظ ولبنى عبد العزيز وإخراج عاطف سالم..
شيء من الخوف لثروت أباظة وبطولة شادية ومحمود مرسي، شباب امرأة لأمين يوسف غراب وبطولة شكري سرحان وتحية كاريوكا وإخراج صلاح أبو سيف، الثلاثية لنجيب محفوظ وبطولة يحيى شاهين وإخراج حسن الإمام، ومن الأفلام الحديثة عمارة يعقوبيان لعلاء الأسواني وبطولة عادل إمام وإخراج مروان حامد، تراب الماس والفيل الأزرق وكيرة والجن لأحمد مراد، هيبتا لمحمد صادق.
كما كان للدراما التليفزيونية نصيب جيد ولكن بدرجة أقل من السينما كذلك من أعمال الأدباء عبر عدد من المسلسلات الناجحة مثل نحن لا نزرع الشوك ليوسف السباعي الذي قدم كفيلم أولًا لشادية ثم كمسلسل لعبت بطولته آثار الحكيم، الأيام لطه حسين وبطولة أحمد زكي وإخراج يحيى العلمي..
ورأفت الهجان لصالح مرسي وبطولة محمود عبد العزيز، حديث الصباح والمساء لنجيب محفوظ بطولة ليلى علوي وأحمد خليل وإخراج احمد صقر، حضرة المحترم لنجيب محفوظ أيضًا وبطولة أشرف عبد الباقي.
الرواية أفضل
تقريبًا كل الأعمال السينمائية والتليفزيونية التي أخذت من روايات أو قصص قصيرة جاءت أقل من الروايات الأصلية بكثير من حيث الإبداع والتعبير عن العالم الذي تدور فيه الأحداث وعن
الشخصيات الرئيسة والتفاصيل الكثيرة والدقيقة التي تسمح بها الرواية، والتي قد تصل إلى 500 صفحة على سبيل المثال، وهو ما لا يتوافر لفيلم لا تزيد مدته عن ساعتين على الأكثر..
كذلك تبدو الرواية أكثر متعة وجاذبية بما تفجره من خيال للقارئ فيصبح أكثر تفاعلًا ومشاركةً في الأحداث، ولعل هذا ينطبق بصورة واضحة وجلية في أعمال أديب نوبل نجيب محفوظ، الذي رغم كثرة ما تحول منها إلى أفلام ومسلسلات نحو30عملًا إلا أن كل هذه الأعمال لم تقترب بصورة حقيقية تمامًا من عالم نجيب محفوظ، الذي له سحر خاص ويحمل عمقًا شديدًا ورموزًا بين السطور لا يستطيع أي أحد فهمها والتعبير عنها بسهولة في عمل فني!
ولعل البعض يقول إن الرواية شيء والفيلم والمسلسل شيء آخر، حيث في العمل الفني تظهر رؤية كاتب السيناريو والحوار وخياله وأسلوبه وكذلك المخرج ومن ثم وجدنا أعمالًا قدمت وكانت بعيدة بدرجة ما عن النص الأدبي الأصلي!.
طوق النجاة
ولعل من الأمور الإيجابية المبشرة في الفترة الأخيرة هو لجوء عدد من صناع الفن في السينما والدراما التليفزيونية إلى الاستعانة بالأعمال الأدبية وتقديمها في أفلام أو مسلسلات نالت استحسان الجمهور والنقاد منها.. فيلم كيرة والجن تأليف أحمد مراد وبطولة كريم عبد العزيز وأحمد عز وإخراج مروان حامد والذي حصد نحو 120 مليون جنيه في شباك التذاكر والمأخوذ عن رواية ١٩١٩ لأحمد مراد..
مسلسل الغرفة 207 المستمد من رواية تحمل نفس الاسم للكاتب الراحل أحمد خالد توفيق وبطولة محمد فراج وريهام عبد الغفور وإخراج محمد بكير، مسلسل سره الباتع عن قصة قصيرة ليوسف إدريس أعدها وأخرجها خالد يوسف ولعب البطولة أحمد السعدني وأحمد فهمي وحنان مطاوع وعرض في رمضان الماضي..
كما شرع خالد يوسف منذ أيام قلائل في تصوير فيلم الاسكندراني عن رواية بنفس الاسم للراحل اسامة انور عكاشة، بطولة أحمد العوضي وزينة وحسين فهمي وبيومي فؤاد، كذلك أعلن عدد آخر من صناع الفن عن مجموعة من الأعمال التي بدأ التصوير فيها مثل مسلسل 55 مشكلة حب عن كتاب لدكتور مصطفى محمود عبارة عن حكايات منفصلة كتبها عمرو محمود ياسين أولها بعنوان الفريدو بطولة إلهام شاهين وأحمد فهمي وإخراج عصام نصار وإنتاج أحمد عبد العاطي..
أو التي سيتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة مثل.. مسلسل الغرفة 207 الجزء الثاني، نسيت كلمة السر عن رواية للأديب حسن كمال وبطولة آسر ياسين وإخراج هاني خليفة، المرحوم لنفس الأديب أيضًا سيناريو وحوار مريم نعوم، فيلم أنف وثلاث عيون لإحسان عبد القدوس والذي لعبت بطولته ماجدة ومحمود ياسين ونجلاء فتحي وميرفت آمين عام 1972 وأخرجه حسين كمال، سيتم إعادة تقديمه بطولة ظافر العابدين وصبا مبارك ودينا الشربيني وسيخرجه آمير رمسيس..
وفيلم موسم صيد الغزلان للكاتب محمد صادق بطولة أحمد عز وإخراج أحمد المرسي، فيلم بوابة الحانة لعبد الرحيم كمال وإخراج ياسر حسن، هيبتا 2 لمحمد صادق وإخراج هادي الباجوري، كما تقرر طرح فيلم بضع ساعات في يوم ما للأديب محمد صادق وبطولة هشام ماجد ومي عمر وأحمد السعدني وإخراج عثمان أبو لبن في إجازة منتصف العام 2024.
وأخيرًا كم طالبت السينمائيين وصناع الدراما المصرية من خلال عدد من المقالات السابقة عبر بوابة فيتو المحترمة بالعودة إلى أعمال كبار الأدباء وشبابهم علهم يجدون فيها المخرج والملاذ وطوق النجاة للخروج من الأزمة والحجة التي يتذرعون بها من ندرة الورق الجيد وهي حجة البليد كما قلنا من قبل!