رئيس التحرير
عصام كامل

أنصفه مايكل هارت وظلمناه!

في كتابه العظماء مائة وأعظمهم محمد، يضع المفكر الأمريكي  مايكل هارت أيدينا على حقائق مهمة يغفلها للأسف كثير من المسلمين اليوم عن نبيهم العظيم بشهادة المنصفين من  الغرب. 

يقول مايكل هارت في كتابه المهم إن محمدا هو الإنسانُ الوحيد في التاريخ البشري الذي نجح نجاحًا مطلقًا على المستوى الديني والدنيوي، وهذا لعمري يكفيه أن يكون في المقدمة على المائة شخصية موضوع الكتاب.


وليتنا نقرأ سيرة سيد الخلق الذي تهب علينا بعد أيام معدودة  نسمات ذكرى ميلاده الكريم الذي بعثه الله رحمة للعالمين.. فهذه فرصة حقيقية للمراجعة والاقتداء الحق بأخلاقه ومبادئه صلى الله عليه وسلم، فقد كان قرآنًا يمشى على الأرض، وكانت سنته بيانًا عمليًا للدين الحق والمعاملة المثلى مع الخلق.. 

 

وأظنه لو كان اليوم بيننا لأمكنه حل مشكلات العالم وهو يحتسي فنجانًا من القهوة كما قال الإمام الطيب شيخ الأزهر في أحد احتفالات وزارة الأوقاف بهذه المناسبة العطرة.


الاقتداء بالنبي الكريم ينبغى أن يكون أسلوب حياة وليس مجرد تدين شكلى يعتنى بالثياب والمسواك ويغفل أن الدين المعاملة وعمارة الأرض وطلب العمل والتسلح بكل أدوات القوة والوعى الحقيقي في مواجهة كل وعى زائف.

مجامع الحكمة


ليس بالتدين الشكلى نحيي سنة النبي الكريم، ولا بحفظ الأحاديث النبوية دون فهم ولا تطبيق عملي أمين لما جاء فيها؛ ولا بشراء الحلوى والهدايا وإقامة احتفالات لو عاد نبى الإسلام ما رضى بها ولا أقرنا عليها.. فشتان بين جوهر دعوته وسمو رسالته وما تدعو إليه من مكارم الأخلاق.. وبين سلوكنا الجمعى والفردى فبينهما فصام وتناقض صارخ ليس من الإسلام في شيء.


الرسالة النبوية هي حركة دائمة لا تعرف الوهن ولا الكسل لعمارة الأرض ونشر القيم وبناء الإنسان، روحًا وبدنًا، عقلًا وتصورًا، عقيدة وإيمانًا يثمر عملًا صالحًا يبني المجتمعات ويشيّد الحضارات ويثمر وعيًا ينظم حركة الإنسان ومعاملاته، سكناته وحركاته وعلاقاته مع خالقه ومع نفسه والناس من حوله بشتى درجاتهم وأطيافهم.. 

 

ولا ننسى أن بناء الوعي الصحيح أحد أهم عوامل استقرار الأمم والشعوب وركائز نهضتها في مواجهة الأفكار المنحرفة والهدامة وهو ما يضاعف مسئولية المؤسسات الدينية والتعليمية في بناء عقل وتصورات وعقيدة الأجيال الناشئة التي كادت تسرقها التكنولوجيا وتطويها مواقع التواصل الاجتماعي ويغويها الفضاء الإلكتروني الذي بات أداة خطرة في تشكيل الشخصية وتذويب الهوية وطمس معالمها.. 

 

وتلك مسئولية تشاركية لا يقدر عليها مؤسسة واحدة مهما تكن قوتها بل تحتاج لتضافر شتى مؤسسات المجتمع وقواه الحية عبر تقديم نماذج واقعية تصلح قدوة صالحة.. ومن أعظم صلاحا وفلاحا وأحسن خلقا وأقوم سلوكا من رسول الإنسانية الذي جمع بين الدين والدنيا بقوله: أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"..

 

 

وتلك مجامع الحكمة وصلاح الأمر.. الجمع بين الدين والدنيا ومخالطة الناس والصبر على أذاهم خير من اعتزالهم والاحتجاب عنهم فالدنيا دار اختبار والآخرة دار القرار.. فهل نراجع أنفسنا وتجعله قدوتنا ونعلم أولادنا كيف يتخذونه قدوة حسنة بدلا من انسياقهم وراء نجوم الفن والكرة وكل مسخ مشوه لا يرقى للتأسي به ولا محاكانه واستلهام خصاله في زمن السوشيال ميديا.. وللحديث بقية!!

الجريدة الرسمية