غربة الإسلام
عندما ننظر إلى حال غالبية أهل الإيمان في هذا الزمان نجد أن إيمانهم قاصر على كلمة التوحيد. مؤمنون بغير عمل، يؤمنون بالله تعالى ومقصرون في طاعته، ويؤمنون برسول الله ومقصرون في إتباعه، نجد إيمان ينقصه العمل.
وأي اعتقاد بالقلب وإقرار باللسان وامتثال بالجوارح ويتجلى ذلك والاستقامة والالتزام بأعمال العبادات والطاعات. والعمل هو الترجمة الحقيقية للإيمان إذ أن الإيمان بلا عمل هو إيمان ناقص.
هذا وإذا نظرنا في آيات كتاب الله تعالى الكريم نجد أن عدد الآيات التي ذكر فيها الإيمان مقرون بالعمل إحدى وخمسون آية، منها قوله تعالى “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا”، وقوله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا".. وقوله عز وجل "الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ".
وقوله جل ثناؤه "إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ".وقوله تبارك في علاه "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ".. وقوله سبحانه وتعالى " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ".. وقوله عز وجل "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلً".
الإيمان والعمل الصالح
هذا والمقصود بالعمل المقرون بالإيمان العمل الصالح من عبادات وطاعات وذكر ومعروف وبر وإحسان وإصلاح بين الناس، وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكل ما أمر به الله تعالى ورسوله صلى الله على حضرته وآله وسلم شرط الإخلاص وابتغاء وجه الله تعالى..
هذا ومن المعلوم أن الأصل في العمل العلم إذ لا قيمة لعمل بغير علم ولا علم بغير عمل. هذا وفي الحديث عنه صلى الله على حضرته وآله أنه قال "من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم". وللمؤمن الصادق حال لا يُفارقه. أشار إليه النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله في وصيته للصحابي الجليل سيدنا معاذ بن جبل رضي الله الله والتي قال له فيها "يا معاذ. إن المؤمن لدى الحق أسير. يعلم أن عليه رقيبا. على سمعه وبصره ولسانه ويده ورجله وبطنه وفرجه؟؟
حتى اللمحة ببصره وفتات الطين بأصبعه وكحل عينيه وجمعية سعيه، أي أن المؤمن في حال مراقبة دائمة لله تعالى لجوارحه في أفعاله.فهو يعبد الله ويتقيه كأنه يراه سبحانه وتعالى: "يا معاذ إن المؤمن لا يأمن قلبه. ولا يسكن روعته.. ولا يأمن اضطرابه. يتوقع الموت صباحا ومساءا. فالتقوى رقيبه. والقرآن دليله. والخوف حُجته. والشرف مطيته. والحذر قرينه. والوجل شعاره. والصلاة كهف. والصيام جنته. والصدقة فكاكه. والصدق وزيرة. والحياء أميره. وربه تعالى من وراء ذلك كله بالمرصاد.. يا معاذ".
إن المؤمن قيده القرآن عن كثير من هوى نفسه وشهواته وحال بينه وبين ان يهلك فيما يهوى بإذن الله..يا معاذ " إني أحب لك ما أحبه لنفسي وأنهيت لك ما أنهى إلى جبريل عليه السلام فلا اعرفنك توافيني يوم القيامة وأحد أسعد منك بما أتاك الله عز وجل منك ".